
حرب الخامس عشر من أبريل، ولما لها من أبعاد اجتماعية وسياسية واقتصادية، فهي وبلا أدنى شك، سترتب واقعاً مختلفاً اختلافاً جوهرياً عما كانت عليه الأحوال قبل الحرب. الحقيقة الوحيدة المجمع عليها بين السودانيين أن هذه الدولة، ومنذ استقلالها، ظلت تعاني من تناقضات بنيوية أشعلت الحرب وجعلتها تتمدد من الأطراف لتعم كل الوطن. حجم الدمار الذي لحق بالمواطنين ومؤسسات الدولة أعاد السودان لما لا يقل عن القرن إن لم يكن لاثنين.
بجانب تلك الكلفة المادية الباهظة فإن الانقسامات المعنوية السابقة على الحرب وتلك التي تصاعدت خلالها وما ترتبت أو ستترتب عليها أوجدت حالة غير مسبوقة من التشظي والتشكيك والتخوين. فشل الغالبية في التوافق مع الأقلية أو العكس يجعل لا مناص من فرض التوافق على المشتركات الوطنية بحكم القانون. بغض النظر عن مصدرها، فلا غضاضة في أن تسعى الأمة لتطويع القوانين والتشريعات التي تؤمن مصالحها العليا.
مشاريع رتق النسيج الوطني تستلزم صدور مراسيم تجبر المهنيين بالتوافق على مجالس نقابية تقودها كفاءات غير منتمية حزبياً. بجانب المساعدة على طي صفحة النزاعات فإن مثل هذه المراسيم ستلعب دوراً جوهرياً في العبور بالانتقال إلى السلام وإنهاء الحرب. مراسيم التوافق يجب أن تنص على كافة الإجراءات والتدابير التي تشرح وتنظم عمليات وشروط حظر الاختطاف الحزبي. توافق المهنيين على اختيار نقاباتهم ستزيد المنافسة الشريفة وترفع سقف التركيز على المهام الإنسانية وإعادة الإعمار بدلاً عن الشقاق فيما لا جدوى منه.
الخرطوم 30 مارس 2025