
مع الإنتصارات المتتالية التي تحققها القوات المسلحة الباسلة، واجتياح المدن.. وتحرير القرى من دنس مليشيا الدعم السريع, باتت نهاية الحرب وساعة النصر اقرب بكثير، وعلى قيادة الدولة ان تكون مدركة لنقاش قضايا هامة وذات ابعاد إستراتيجية كما هو الحال في قضية اللاجئ، والهياكل التي تدير شأن اللاجئين، فهذه القضية ظلت شوكة في خاصرة هذه الحرب واستعارها، ووقودا للمليشيا التي استخدمت اللاجئين ضمن صفوف قواتها، وزجت بهم في أتون هذه المعركة الخاسرة بالنسبة للمليشيا.
ان السؤال حول أوضاع اللاجئين بعد الحرب.. يظل السؤال الأول، مثلما الإجابة عليه، حتى قبل التفكير في عمليات الإعمار، فالمليشيا المتمردة التي تلفظ انفاسها الأخيرة الآن، تحت ضغط قواتنا المسلحة، أستخدمت كرت اللجوء لغزو المدن، فهي قامت بإدخال المرتزقة في هيئة لاجئين، واقتحمت معسكرات اللجوء في مدن الخرطوم والجزيرة ومدن أخرى وقامت بتسليح اللاجئين الذين أحتموا ببلادنا ليصبحوا مقاتلين لجيش الدولة التي منحتهم الأمان، واستقبلتهم خير استقبال.
ان تلك الأوضاع المذرية لملف اللاجئين، تتطلب من قيادة الدولة العليا ان تلقي بثقلها في هذا الملف، الذي يرزح في اهمال كبير، ويكفي دليلا على ذلك عدم تسمية معتمد للإدارة لقرابة العام، حيث تمضي فيها الامور دون قيادة، بينما نأمل ان نمضي عبرها لمعالجة قضية اللجوء واللاجئين، الملف الشائك قبل الحرب، والملف الأكثر تعقيدا بعدها.
من وحي الظروف الراهنة ولتكون البداية صحيحة يجب ان نذهب مباشرة لتعيين معتمد لمعتمدية اللاجئين، لا ترك قيادة هذه الادارة الخطيرة للتكليف، الطبيعة لا تعرف الفراغ، هذه واحدة من أسباب قادت لهذا التدهور المريع في ملف اللاجئين وهياكله، ترك مناصب قيادية ذات حساسية عالية، في ادارة ذات تقاطعات داخلية وخارجية، وساحة لمنظمات بعضها بأهداف غير معلنة رغم إنخراطها في هذا الميدان، كل هذه التحديات يجب ان تقابلها الحكومة وقيادة الدولة العليا بمزيد من الحرص على أمن وسيادة البلاد.
ليس أمرا صعبا ان تتخذ قيادة الدولة ممثلة في قائد ركبها، وفارس فرسانها الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة والقائد العام لقواتنا للمسلحة قرارا بتعيين قيادة جديدة لمعتمدية اللاجئين، لكن من الخطورة بمكان تأجيل ذلك التعيين، وترحيل مثل هذه النقاشات والاجابة على اسئلة اللجوء، الوضع يستوجب فعلا النظر بعين الإعتبار لهذا المستوى الإنساني الهام ، ذو الأبعاد السيادية، والإرث التاريخي لبلد مثل السودان لديه ما لديه من خبرات في خدمة اللجوء، ومن قيم لغوثهم وايوائهم.
لقد بات امر تعيين معتمد لمعتمدية اللاجئين امرا حتميا ومهما لإعادة ترتيب ما أستشكل خلال الفترة الماضية، ومن عملية اختطاف طالت الادارة، وتدخلات ذات مغزى معروف، بجانب ان تعيين معتمد ومن صلب هياكل الادارة يعد عملية هامة لتجسير هوة كبيرة أتسعت خلال الفترة الماضية مع المنظمات المنخرطة والداعمة لملف اللاجئين أبرزها المندوب السامي لشؤون اللاجئين، ممن شوشت عليهم قرارات خارج سلطات الوزارة المشرفة على الادارة، قبل ان يتم التراجع عنها مرة أخرى، كلفت معتمدية اللاجئين نزيف مصداقية وإنعدام ثقة وسط حقلها الإنساني والاداري ومع شركائها من إدارات الدولة، ومنظمات الامم المتحدة.
ثم أخيرا فإن تعيين معتمد في هذا التوقيت يمثل خطوة ضرورية لضمان استقرار الأوضاع الإدارية والخدمية، خاصة في ظل التحديات الراهنة التي تواجه المجتمعات المحلية. فالمعتمد يلعب دورًا محوريًا في تعزيز الأمن، وتنسيق جهود الإغاثة، والإشراف على الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والمياه. كما أن وجود قيادة إدارية فعالة يسهم في تنظيم عودة النازحين، وتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والشركاء الدوليين. لذلك، فإن تعيين معتمد في هذه المرحلة ليس مجرد قرار إداري، بل هو استجابة ضرورية للحفاظ على الاستقرار ودعم جهود التنمية في البلاد بصورة عامة.