
حال كرة القدم السودانية لن ينصلح أو يستقيم قريبا، إذ إن أهم خطوات النجاح في أي لعبة رياضية تتمثل في الاستقرار، الهدوء، التنظيم، ووجود برنامج عمل متفق عليه من الجمعية العمومية، يُنفَّذ بواسطة مجلس إدارة قوي وشجاع.
في كل دول العالم، تغيّرت السياسات والمفاهيم والأفكار والأهداف، وأصبحت الأندية هي الجهة المسؤولة عن إدارة النشاط الكروي. فهي التي تختار ممثليها، وتشرف على إدارته، وتوقّع عقود التسويق والاستثمار، وتبث المباريات، وتضع جداول المنافسات. أما الاتحادات الوطنية الأهلية، فمهمتها إدارية فقط، حيث تقتصر على الإشراف المباشر على المنتخبات الوطنية دون التدخل في شؤون الأندية.
خير مثال على ذلك نجد الدوريات السعودية، المصرية، الإماراتية، ودوريات شمال وجنوب وغرب أفريقيا، وحتى البطولات الأوروبية والآسيوية وفي أمريكا الجنوبية والشمالية وأستراليا. في هذه الدول، الأندية هي صاحبة القرار، ولا وجود أو تأثير مباشر لاتحاد الكرة على إدارتها.
أما في السودان، فالوضع مختلف تماما، حيث تسيطر الاتحادات المحلية على كل شيء، وهي من تختار وتنتخب اتحاد كرة القدم، دون أدنى حياء أو خجل، مستغلة الأندية لصالحها. علما بأن هذه الاتحادات المحلية ليست طرفا أصيلا في منظومة كرة القدم، بل تُعد أجساما غريبة لا تمتلك أي شرعية حقيقية.
العالم أجمع يعترف بأن الأندية هي أساس اللعبة، لكن الاتحاد السوداني لكرة القدم، ومعه الاتحادات المحلية، لا يزالان يهيمنان ويسيطران على كل شيء، متحكمين في الجمعية العمومية، ومستبعدين الأندية صاحبة الحق الشرعي.
الجمعية العمومية الأخيرة كانت مهزلة حقيقية، إذ لم تكن سوى تمثيلية مكررة، سخيفة، ومملة، تعكس حالة الهرج والمرج التي تعيشها كرة القدم السودانية.