الرأي والتحليل

محمد طلب يكتب: احدى صانعات التغيير أتدرون من هي؟

ربما يقفز لذهن القارئ بمجرد الاطلاع على العنوان أن حديثنا سوف يكون عن احدى ( كنداكات) ثورة ديسمبر المجيدة والعنيدة أو واحدة من المناضلات عبر أقلامهن وآراءهن عبر الصحافة والإعلام و الوسائط المناديات بوقف الحرب.
فالتغيير ليس أمرا جديدا ظهر مع ثورة ديسمبر و(قواها) الفتية إنما التغيير أمر ارتبط بالإنسان منذ نشأته الأولى ونزول الأنبياء والرسل هو أداة من أدوات التغيير وصناعة المستقبل للأمم.
ولكن للأسف البعض الآن و بفعل هذه الحرب و إعلامها وغرفه القبيحة و (دعمه العاجل) ودمه السري والسريع أصبح لديهم حساسية ضد كلمة (التغيير) ربما لإرتباط المفردة بقوى (الحرية و التغيير) رغم القيم العالية والراقية لمفردتي (الحرية والتغيير) وانتماءهما لمعانٍ دينية و إنسانية وإسلامية عالية المستوى مع الافادة القرانية بأن الإنسان هو من يصنع التغيير في نفسه و بها ليحدث التغيير بعون الله في المجتمع.
ولا أريد الخوض في الآيات والتفاصيل الواضحة بالقرآن الكريم.. و ما لا تسمح به المساحة.
أما عداء البعض ( للحرية والتغيير) ودلالاتها، فهي مفردات تحمل معان والحديث عن المفردة بعيداً عن المعنى والدلالات فهو مجرد عبط و هطل والمتحدث به (عوقة سااي)..
فالمفردة هي ماعونا للمعنى والعداء لمفردات الحرية والتغيير والسلام والعدالة عداء غبيا لا معنى له سوى خواء من يعاديها بل و يظهر العداء (للمفردات) مثلما ظهر لنا.
“(نجم مصنوع) لغرض مطبوع في زمن ( التابع والمتبوع)” لا يفهم معاني الحرية والسلام والعدالة لأنه ينتمي لقيم الكبت والمنع والحرمان و الحرب والعداء والقتل والصلب و الظلم و بقر البطون و قطع الرؤوس و (دا ما موضوعنا) …..
أما ذاك (الظل) لا يستحق الحديث عنه طالما أن عوده أعوجا و لأن موضوعنا الأساسي اليوم عن الفنانين الحقيقيين أصحاب العطاء والبذل و الحرية وصناعة التغيير …
عندما تشاهد التلفزيون (قبل الحرب) وبرامجه الغنائية و بغض النظر عن أمر الأغاني و تلك البرامج ستجد سيدات و آنسات جميلات يعزفن على الآلات الموسيقية بالأزياء التي تعتمدها إدارة التلفزيون …
لكني وغيري من( جيلي أنا ) ما أن أرى احداهن ممسكة بكمانها أو قيثارتها ونشاهدها ونسمع أنغامها بالتلفزيون إلا و أذكر الدهشة التي كانت تنتابني وأنا أشاهد التلفزيون السوداني (أبيض وأسود) أوائل السبعينيات وأرى السيدة الجميلة
(زكية أبو القاسم) وهي تلبس (التوب السوداني) والزي المرتبط بالمرأة السودانية واقفة وليست جالسة و تحمل على كتفها آلة الجيتار تعزف عليها مع فرقة شر حبيل أحمد منظرا بديعا ومختلف.
يجعلك تفكر في أنها سيدة مختلفة.. أنها من صُناع التغيير…
السيدة زكية أبو القاسم واحدة من السودانيات العظيمات صناع التغيير..أن ما ترونه الآن عادياً لم يكن كذلك من قبل فقد اقتحمت هذه السيدة الفنانة المجال بقوة وثقة.. مجالاً كان حكراً بالكامل على (الذكور) دون مبررا منطقيا ومقبول سوى ما اعتاد عليه الناس وخشيتهم التغيير….
تعتبرت السيدة زكية أبو القاسم أول امرأة سودانية تُشارك بالعزف الموسيقي ضمن فرقة موسيقية (فرقة شرحبيل أحمد)، وتظهر على الأجهزة الإعلامية وقتها من تلفزيون وصحافة.. ثم كونت فرقة موسيقية نسائية لوحدها، ومن ثم تبدلت هوايتها للموسيقى إلى احتراف..
وهي ربما تكون أول امرأة ليس في السودان فقط بل في العالم العربي وقفت تعزف آلة الجيتار وتظهر في التلفزيون والإعلام..
تعلمت العزف على آلة العود بالصف الثاني ابتدائي كما طوعت موهبتها في العزف على الآت النفخ و العزف على آلة الصفارة والساكسفون ..
أما نشاطها في العطاء لم يتوقف على الموسيقى فقط..
فقد قامت مع آخريات بفتح أول فصل لمحو الأمية بمحلية (أمبدة) التي كانت وقتها منطقة نزوح وهجرات وسكن عشوائي قامت الحكومات فيما بعد بإعادة تخطيطها وتوزيعها على سكانها من المواطنين..
ساهمت السيدة زكية أبوالقاسم في العمل الطوعي والنسوي في أم درمان و كانت ضمن أول أربع نساء دخلن معهد الموسيقى وهن وداد عبد الحميد والتوأم سهام وإلهام زروق، فقد برعت زكية أبو القاسم في العزف على الجيتار والعود.
السيدة زكية أبوالقاسم…
السيدة لم تسلط عليها الأضواء الإعلامية في وقت كانت حياة المرأة علي الهامش و لم يبسط له الطريق مثلما يحدث (لفضلات) المجتمع الفني الذين يحسبون( نجوم) في هذا (الوجوم) وصناعة القبح والقتل والدمار …
بل هي سيدة شقت طريقها بوعي وثقة و وجدت من يحبها ويدعمها ..
تحية الحب والخير والجمال للسيدة زكية أبو القاسم كواحدة من صناع الجمال والتغيير أينما كانت..
يقول عنها زوجها الفنان شرحبيل أحمد أنها (ست دربين) ويعني أنها شريكة البيت والعمل فهي سيدة (تعوس وتطبخ و تكوجن) وتربي وتعلم أولادها بذات الجمال الذي تعزف به على الجيتار وكأنهم يوضحون بجلاء تثبيط الهمة والدعوة للتكاسل بالانتماء للمثل القائل:
(مسّاك دربين ضِهِيِّب وركاب سرجين وقِيِّع)
أو قولهم :
(صاحب بالين كضاب) وما شابهها من الأقوال غير الموثوقة .
فالسيدة زكية يكفيها أنها (كربة منزل) انجبت شريف و شهاب ونهى الذين ملوا دنيا أهل السودان بالفرح والبهجة أنهم آل (فميلي باند) التي امتعتنا كثيراً.
فزوج السيدة زكية والأب البيولجي والروحي لأولادها هو الفنان الكبير والمجدد (ملك الجاز) شرحبيل أحمد نفسه مسك أكثر من درب وبرع فيه فهو فنان و تشكيلي و مغني وعازف وملحن وشاعر ومعلم ومربي ..
التحية للفنان شرحبيل أحمد وزوجه الفنانة زكية أبو القاسم محور هذا المقال وحفظهم الله أينما كانوا…
وختاماً تحية الحب والسلام .. ولا للحرب الليلة وبكرة وبعده إلى أن تقف.

هشام احمد المصطفي(ابوهيام ) رئيس التحرير

من أبرز المنصات الإلكترونية المخصصة لنقل الأخبار وتقديم المحتوى الإعلامي المتنوع والشامل. تهدف هذه المنصة إلى توفير الأخبار الدقيقة والموثوقة للقراء في جميع أنحاء العالم العربي من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة والأساليب المبتكرة في عرض الأخبار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى