الرأي والتحليل

محمد طلب يكتب: البطاطس والآبري (2)

(أكلو البطاطس) لوحة فنية شهيرة للفنان الهولندي الشهير(فان جوخ ) وكما ذكرت في المقال السابق ان هذه اللوحة هي ما دعتني للاستمرار في الكتابة عن (الآبري) الذي ربما مر علي قصة بدايته (من الصدفة) الي اليوم عمر لوحة( أكلو البطاطس) ولم يشهد هذا المشروب السوداني شكل من اشكال التطور بحجم سنوات عمره الطويل وظل حبيس( الكوجان والبوجان والعواسة)…والدخان والسجم والرماد والقعاد والانبساطة والقرقراب … و ما احلاها من ايام
تعد لوحة (اكلو البطاطا) من اشهر لوحات الفنان فان جوخ الذي عاش حياة مضطربة بالمرض ومتأججة بالابداع مع غرابة حياته الخاصة وانفتاحه علي الاخرين والطبيعة عبر حياة التدين و الكنيسة لفترة من فترات حياته ثم عبر الانتماء الفني وقد مات منتحراً بعمر لم يتحاوز ال 37 عاماً ..يقال انه في اخر خمسة سنوات من حياته انجز اكثر من 800 لوحة فنية.
و حقيقة البؤس الذي تحمله لوحة (أكلو البطاطا) به شيئ من حياتنا و بؤسنا مع بعض الاختلافات نعود لها بالتفصيل….
الي الان لا تبدو هناك اي علاقة واضحة بين (البطاطس و الآبري) او مكونه الاساسي الذرة الرفيعة.
نعم.. لكن دعنا نبحث عن الاحصائيات حول البطاطس في هولندا (بلد اللوحة) وبعض البلاد الاوربية التي تهتم بدرجة عالية بموضوع الاحصاء واهميته في ادارة حياة البشر اما في بلدنا (ارض الخير والطيبة) فالاحصاء (زيرو كبير) وهذه واحدة من المصائب والمعضلات التي تقف حائلاً امام اي تطور في اي مجال و يجب الانتباه بدرجة عالية لموضوع الاحصاء ان كانت لنا رغبة في التقدم خطوة للامام.
في هولندا وما شابهها من بلدان ستجد الاحصاء حاضراً في كل شيئ علي سبيل المثال يقدر استهلاك الفرد من البطاطس نحو 150 كيلو جرام في السنة اي ما يقارب النصف كيلو يومياً مما يجعلها طعاماً اساسياً في حياة الهولندي وهنا نجد ان هناك وجه شبه اساسي بين البطاطس في حياتهم تشابهها بدرجة كبيرة مع الذرة (العيش) في حياتنا ..
لكن هولندا كل عام في سبتمبر بدخول البطاطا حياتهم بينما نحن لا نحتفل باي شيئ وحياتنا (ماشة بالبركة) رغم وجود اشكال اختفائية شعبية إلا انها لاتجد الاهتمام علي مستوي الدولة حتي اضحي الشباب يعتقدون ان (الخُدير) من اغنيات الغول ..
اما السؤال الاحصائي عن عدد (طرقات الابري) المستهلكة في شهر رمضان ربما يعد نوع من الجنون والهبل ناهيك عن السؤال الكمي عن مكونات الطرقة الواحدة…والسؤال علي مستوي الاسرة الصغيرة لن تجد له اجابة ناهيك علي مستوي الدولة لمعرفة الاحتياجات من الذرة وتوابع صناعة (الابري) في العام ومقارنته بالاعوام السابقة ودراسة الاختلافات واسبابها كما يعمل محللو نتائج الاحصاء..
ورغم ان صناعة الابري تجاوزت القرن إلا انها ما زالت بدائية ولم تشهد اي تطور صناعي ملحوظ ..
وامر الفوضي في حياتنا و(خليها علي الله ) هو ما اوردنا المهالك…. علي الاقل يفترض ان (نعقلها ونتوكل) و اتخاذ الاسباب امر مطلوب ..
واذا سألت اي سوداني عن المصاريف السنوية لاي غرض من الاغراض الحياتية والمعيشية فلن تجد الاجابة …لكني اذا سالت مواطن (هولندي) او (فرنسي) او (اوكراني) عن حوجته السنوية من البطاطا فسوف يحدده بالحبة والمساحة التي يحتاجها للزراعة وكل المتطلبات من البذور الي مساحات تخزين البطاطس وانواع الحفظ و التخزين والاستهلاك …هذا كله مرده للنظام المتبع والدقة في الترتيب الذي يبدأ من المواطن وينتهي عند راس الدولة عبر مؤسسية عالية المستوي سوي في النظام الاشتراكي او الراسمالي فكل شيئ يكون مدروس ومعلوم النتائج التي ان لم تتحقق يجب معرفة الاسباب و وضع المعالجات في الدورة القادمة ..بينما نحن لعشرات السنوات يتعذر ولاة الامر بان الفيضان كان مفاجئاً هذا العام وفي كل عام.

هشام احمد المصطفي(ابوهيام ) رئيس التحرير

من أبرز المنصات الإلكترونية المخصصة لنقل الأخبار وتقديم المحتوى الإعلامي المتنوع والشامل. تهدف هذه المنصة إلى توفير الأخبار الدقيقة والموثوقة للقراء في جميع أنحاء العالم العربي من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة والأساليب المبتكرة في عرض الأخبار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى