
توصلنا في الحلقة السابقة الى وجود علاقة قوية بين البطاطس عند شعوبها والذرة لدى (حضراتنا) حيث وجدنا انهما يمثلان الغذاء الاساسي لمعظم الناس هنا و هناك والطبقات الضعيفة على وجه الخصوص و بالتالي الشعوب وثقافتها تستفيد بالدرجة القصوي مما يتوفر لها كما سوف نشرح بعض من ذلك الامر فمن المعلوم ان الذرة ( العيش) هو المادة الخام لصناعة( الابري) في بلادنا وغيره مما سوف نتطرق له في هذه السلسلة من المقالات ….
*ماذا يصنعون هم من البطاطس وماذا نصنع نحن من الذرة ؟؟؟*
بمعني هل استفدنا بالدرجة القصوي من (العيش) كما استفادوا (للطيش) من البطاطس وحسب فهمي طالما هناك( تفل) يرمي فإن الاستفادة ناقصة
عموماً هذا سؤال اترك اكمال بحثه لكم و محركات البحث للوصول لإجابات كافية شافية لكن لوحة (آكلو البطاطا) تظهر فيها البطاطس بقشرتها والعلم بقول ان فوائد القشرة عظيمة ….
وسوف أجب لكم علي السؤال التقريري للشاعر المرحوم اسماعيل حسن:-
*كيف يكون الحال لو ما كنت سوداني واهل الحارة ما أهلي؟؟؟*
لتكون الاجابة الساخرة هي :-
لصنعت من الذرة (العيش) ما صنعوه من البطاطس و اكثر …..
فدعوني احدثكم عما لم (نجتنب رجسه ) كما أُمرنا المولي عز وجل فصنعنا من الذرة (من المريسة الي العرقي) وما بينهما علي اختلاف شعوبنا السودانية
لكنهم صنعوا الفودكا من البطاطس بينما ظلت (المريسة هي المريسة في قرعتها) و لم تعرف طريقها للتعبئة الزجاجية الراقية وظلت (الانادي هي الانادي) والهمبتة تلاحقنا لكن تم استبدال (جملها و الحصان بالتاتشر و النيسان ) و (سيفها بكلاشنكوف) والخوف ما زال هو ذات الخوف والشوف ذات الشوف القاصر….
الفودكا مشروب كحولي شائع عندهم يتكون من الماء وكحول الإيثانول بشكل أساسي، و يتم إنتاجه في بعض الدول عن طريق تقطير ناتج تخمير البطاطس او الحبوب من قمح او غيره وعادة ما تُشرب الفودكا في فصل الشتاء لمنحها الدفء لشاربيها.. و تستهلك الفودكا بشكل كبير في دول أوروبا الشرقية والدول الإسكندنافية و يتراوح محتوى الفودكا من الكحول ما بين 35 إلى 50 بالمئة من الحجم المعبأ و تُشرب الفودكا عادة دون أن تخفف بالماء أو الثلج…بإختصار (ذي العرقي حقنا دا) مع فارق التوقيت …
كما انها تعتبر من أكثر المشروبات الكحولية ضررًا بالصحة العامة في العالم، حيث تصل أعداد الوفيات الناجمة عن الإفراط في تناول الفودكا إلى مئات الآلاف سنويًا في روسيا وحدها اما المريسة فالبعض عندنا يقول لا ضرر منها وقد تموت جماعة (بالانداية) عند الفدادية ويدفنوا بلا فحص ولا احصاء وتكثر الفتاوي حول امرهم (اما العرقي دا فخليهو ) وامره عجب..
هل تعلم ان الكنيسة ايضاً فتاويها كثيرة وقد رفضت الكنيسة دفن فان جوخ نفسه صاحب لوحة (آكلو البطاطا) لانه مات منتحراً…
(ربما نعود لاحقاً لكلام رجال الدين في الامر او لا نعود)
قام الرسام فنسنت فان جوخ المعروف بإنسانيته العالية التي لم يستوعبها مجتمعه، برسم هذه لوحة (آكلو البطاطا ) التي أعدها لتكون من أهم مشاريعه الفنية، وكأنه يثبت لنفسه الاحترافية القصوى من خلال لوحته النادرة ليصف فيها الحياة القاسية كغيره من الفنانين الجادين فيما يسعون، وعن ما يجري في بلادهم من واقع قاسٍ، ولعلي اسأل نفسي هل اوجد نظامنا التربوي و التعليمي مورداً بشرياً بتلك الصفات ليدون تاريخنا وثقافاتنا عبر الفنون فهل توجد مثلا لوحات فنية (مشهورة) علي المستوي المحلي علي الاقل تحاكي مثلاً (دق العيش) الذي صار بدلاً عن ذلك مضرباً للمثل في التعذيب او لوحات عن (بهجة الآبري) التي تظهر علي السيدات اثناء (العواسة) كنتيجة لتصاعد الكحول بسبب الحرارة …
لقد صور (فان جوخ ) ذلك الواقع القاسي مع الفلاحين الذين هم أساس الحياة المالية والشبع في المجتمعات الماضية، وذلك قبل انتشار الصناعة والآلات… رسمهم بوجوه جافة وبارزة العظام، هؤلاء الخمسة في شخصيات متنوعة ومن عائلة واحدة، يجتمعون على صحن البطاطا غير المقشرة، وهي المكافأة عن يومهم المتعب …