
قبل أن ندلف إلى تفاصيل هذا المقال أنصح القارئ الكريم بالرجوع للمقال الأول تحت ذات العنوان، بعد نشر المقال السابق طرأ على ذهني سؤالا مرتبطا بالمقال وهو هل لسيادة بعض الأغنيات المرتبطة بالقبائل والجماعات والأيدلوجيات كانت فعل منظم أم أنها محض مصادفات؟ ولا علاقة لها بما سيرد لاحقاً.
ففي بدايات (الإنقاذ) سادت (الأغنيات الجهادية) أن صح التعبير وبعد منتصف التسعينيات تقريباً أو قل بعد (المفاصلة) التي اعتدت على إضافة (نقطة) فوقها لتصبح (المفاضلة) فقد كانت (السيادة) لأغاني الطمبور ومفاصل الدولة وحكومتها الخفية كانت من (قبائل الطمبور) و كذلك ظهرت في فترة ما الفرق الجماعية و(تمديح الأغاني وتغنين المديح) أن صح التعبير ثم أتت فترة (فك العرش) وغزو (القونات) عالم الطرب كمتنفس للشباب وظهرت كثير من الأسماء و في آخر فترات الإنقاذ انتشرت أغاني الربابة وثقافة البطانة التي سبقت تكوين (درع البطانة) كما كان هناك إرتباط أسماء فنية بالأجهزة الأمنية والنشاطات الشبابية والبرامج الثقافية والغنائية والقنوات الفضائية والرياضية و (أغاني أغاني) ثم (يللا نغني) وساحرات الشاشة البيض و هلم جرا.
و يذهب ظني إلى أن هناك خيطا رفيعا يربط بين هذه الأشياء ربما تكشف الأيام ما كان خافياً. و(دا ما موضوعنا).
فلنعد للأغنية موضوع هذه السلسلة من المقالات:
عافي منك وراضي عنك سو رضايا
وما بخيب الرضي والدتو يا جنايا
وهنا يطرأ سؤال موضوعي هل فعلاً لا يخيب من كسب رضا والدته؟.
و أن كان ذلك الرضا مبنياً على (إحتكار) الأم للولد، و هذا ما سوف نتطرق له لاحقاً، و لعل اشهر بيت في الشعر العربي يردده العالم العربي والإسلامي عن الأم هو :-
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق
و الأعراق هي تصنيفات بيولوجية وجينية للبشر بناءً على سماتهم الجسدية ومع ذلك، فإن مفهوم الأعراق يختلف باختلاف السياقات الثقافية والاجتماعية والسياسية.
في العلوم الاجتماعية والثقافية تُستخدم الأعراق غالباً لوصف الهويات الثقافية والاجتماعية المتميزة التي تشترك في سمات مشتركة مثل اللغة، التاريخ، والدين، (و دا ما موضوعنا برضو).
لكن هو بيت من قصيدة طويلة بعنوان (العلم والأخلاق) للشاعر المصري حافظ إبراهيم عالج فيها قضية المرأة من عدة جوانب أتى مطلعها كالتالي :
كم ذا يكابد عاشق ويلاقي في حب مصر كثيرة العشاق
إني لأحمل في هواك صبابة يا مصر قد خرجت عن الأطواق
لهفي عليك متي أراك طليقة يحمي كريم حماك شعب راقي
كلف بمحمود الخلال متيم بالبذل بين يديك والانفاق
والقصيدة طويلة تناولت عدة جوانب في أخلاقيات المجتمع وموقفها من المرأة خصوصاً رجال الدين … وسوف نستصحب القصيدة في هذه السلسة ونعرف لماذا انتقت الأمة العربية منها ذلك البيت الاشهر فقط (الأم مدرسة).
و هنا أيضاً سؤال موضوعي هو هل كانت تلك (الأم) المصنوعة في أغنية (عبد الرحيم ارقي) قد أُعدت فعلاً إعداداً جيداً لتمارس دورها في إعداد (الشعب الطيب) و تحقق قول شاعر النيل حافظ إبراهيم أو نرى فيها قول شاعر الشعب محجوب شريف (الشعب الطيب والديّ) و هي مرحلة قفزت فوق قول حافظ إبراهيم في إعداد الأم (للشعب الطيب) ثم يلد (الشعب الطيب) بطاقة محجوب شريف ويا للعظمة..
في المقال القادم إن شاء الله ندخل في تفاصيل أعمق حول (كيف يهون لك تحزن أمك عشان تحقق ليك غاية) ونموذج أنانية تلك الأم ..
و اختلاف غايات الأجيال كما ارشدنا الدين



