
في خضم الحرب التي شهدتها بعض ولايات السودان والتي تحولت العاصمة الخرطوم إلى ساحة قتال بين الجيش السوداني ومرتزقة الدعم السريع، تعرضت واحدة من أهم المؤسسات الثقافية في البلاد للسرقة والدمار. فالمتحف القومي السوداني، الذي يضم آلاف القطع الأثرية التي تعود إلى حضارات عريقة مثل مملكة كوش ونبتة ومروي، وانسان سنجه الاول ، أصبح ضحية للنهب المنظم في ظل انهيار الأمن وغياب الرقابة.
• المتحف القومي: هدف سهل في زمن الفوضى
مع تصاعد المعارك في الخرطوم، أصبحت المؤسسات الحكومية والثقافية عرضة للتخريب والسرقة. وقد أفادت تقارير محلية ودولية أن المتحف القومي تعرض لعمليات نهب ممنهجة، حيث اختفت قطع أثرية لا تقدر بثمن، بعضها يعود إلى آلاف السنين. هذه السرقة ليست مجرد جريمة ضد التراث السوداني فحسب، بل هي جريمة ضد الإرث الإنساني العالمي، حيث أن العديد من هذه القطع تمثل حلقة مهمة في تاريخ الحضارات الأفريقية والعربية.
• أطراف خارجية لها مصلحة في نهب الآثار السودانية
في ظل الأزمات والحروب، تبرز عصابات تهريب الآثار التي تعمل بالتواطؤ مع جهات محلية ودولية. وهناك شكوك قوية حول تورط أطراف إقليمية ودولية في عمليات النهب هذه، حيث أن القطع الأثرية السودانية مطلوبة في السوق السوداء العالمية. بعض الدول قد تكون لها مصلحة في إضعاف الهوية الثقافية للسودان، بينما أخرى تسعى لتمويل جماعات مسلحة عبر تجارة الآثار غير المشروعة.
كما أن هناك تقارير تشير إلى أن بعض القوى الاستعمارية السابقة، التي كانت تهتم بجمع الآثار الأفريقية خلال الحقبة الاستعمارية، قد تستفيد من الفوضى الحالية لاستكمال نهب ما تبقى من تراث السودان. فالمتاحف والجامعات الغربية كانت تاريخياً تشارك في شراء الآثار المسروقة من الدول التي تعاني من الحروب.
• التراث السوداني بين الماضي المجيد والحاضر المهدد
السودان يضم واحدة من أعرق الحضارات في العالم، حيث شهدت أراضيه قيام مملكة كوش التي تنافست مع الفراعنة، كما كانت مروي مركزاً للعلم والثقافة في أفريقيا القديمة. ولكن اليوم، هذا التراث العظيم يتعرض للضياع بسبب النهب والدمار.
إن سرقة المتحف القومي السوداني ليست مجرد خسارة مادية، بل هي ضربة للذاكرة الجمعية للسودانيين وللتاريخ الإنساني ككل. فبدون هذه الآثار، يفقد السودان جزءاً من هويته، وتفقد البشرية شواهد مهمة على تطور الحضارات.
ضرورة التحرك الدولي لحماية التراث السوداني
يجب على المجتمع الدولي، خاصة منظمات مثل اليونسكو، التدخل العاجل لوضع حد لنهب الآثار السودانية. كما أن على وزارة الثقافة والإعلام ، أن تتواصل مع بعض المؤرخين وخبراء الآثار السودانيين و علي وزارة الداخلية الإنتربول وزارة الخارجية التواصل مع المنظمات المحلية والدولية لتوثيق القطع المفقودة ومحاولة استعادتها.
فإن سرقة المتحف القومي السوداني جريمة لا تسقط بالتقادم، ويجب محاسبة كل من شارك فيها. فالحرب قد تدمر الحاضر، ولكن سرقة التراث تدمر المستقبل أيضاً.