
في خضمّ العواصف السياسية التي اجتاحت السودان، ظلَّ الإسلاميون رقمًا ثابتًا لا تحجبه رياح الفوضى، ولا تقتلع جذوره مؤامرات الإقصاء. تلقَّوا الصفعات، وواجهوا المحن، لكنهم لم يتراجعوا، بل ازدادوا صلابةً وحنكةً؛ إذ لا تُهزَم الفكرةُ من اعتاد أن ينهض كلما سقط، ولا يضعف التنظيمُ من استمدَّ بقاءه من المحن.
السياسة ليست مغامرةً عابثة، بل بصيرةٌ نافذةٌ ورؤيةٌ تستشرف المستقبل. أدرك الإسلاميون قواعد اللعبة؛ فلم يكونوا يومًا أسرى ردود الأفعال، بل كانوا أصحاب الفعل والمبادرة. فهموا كيف تُدار الأزمات، ومتى يكون الصبر حلًّا، ومتى تكون المواجهة ضرورة. لا غرابة إذن أن يبقوا رغم الاستهداف،وأن يظلّوا المكوّن الأكثر تأثيرًا في المعادلة السودانية، حيث تتلاشى الكيانات الهشّة، ويبقى أصحاب الفكر والتنظيم.
من خاصمهم خسر، ومن صاحبهم ربح؛فالتاريخ لا يجامل أحدًا،والتجارب لا تكذب، والإرادة لا تُكسَر بمحاولات التهميش،بل تزداد مضاءً وصلابة وكما يُقال: قد يتأخّر النصر، لكنه لا يُهزم،قد يضعف الصوت، لكنه لا يصمت؛ فالبقاء دائمًا للأصلب وللأكثر وعيًا بسنن التاريخ.