الرأي والتحليل

الباقر عكاشة عثمان يكتب: الإسلاميون في السودان بين ارث التمكين ومقتضيات المرحلة الحرجة

تمر بلادنا بمنعطف خطير حيث تواجه تحديات وجودية تهدد بقاءنا على هذه الأرض من قتل وتشريد ممنهج وتفريغ سكاني منظم عبر التهجير القسري إلى دول الجوار إلى جانب استهداف مباشر للبنية التحتية، آملين من ذلك يفتح باب أمام فجوة غذائية خطيرة تنذر بمجاعة شبيهة بتلك التي شهدناها في “مجاعة سنة ستة” وقتها هلك الزرع والضرع وانخفض عدد السكان إلى أقل من 15% على امتداد الحزام النيلي، واليوم تتكرر المأساة ولكن بأدوات وأساليب جديدة وبدعم إقليمي تحت ذريعة إبعاد الإسلاميين عن المشهد خوفا على عروشهم وتكرار الربيع العربي.
لكن عند التوقف لتأمل تجربة الإسلاميين في السودان، نجد أنها تختلف جذريا عن التنظيمات الإسلامية المعروفة حول العالم فعلاقاتهم مع تلك التنظيمات لا تتعدى حدود المجاملة والبروتوكول العام، كما أن سجلاتهم خالية من جرائم الإبادة على خلفية عقائدية أو فكرية صراعاتهم بأسلحة القهر سياسية بامتياز ونلاحظ اعتمادهم في أنشطتهم الاجتماعية والدعوية على مشاركة النساء في مقابل تنظيمات أخرى تحصر دور المرأة داخل البيت، كما أنهم يشاركون في في الانتخابات بشعارات إسلامية بخلاف التيارات اليسارية التي تنادي بعلمانية الدولة ومعظم قادتهم يعيشون في القصور والأحياء الراقية في مفارقة صارخة مع تنظيمات اقليمية أخرى تتخذ من الكهوف والصحارى ملاذا لتحقيق أهدافهم.
عموما الإسلاميون في السودان لا يعتنقون فكر العنف أو التفجيرات في معارضتهم للأنظمة ولا يتورطون في استهداف السياح أو استحلال أموال الأقليات الدينية كما في بعض التجارب الإقليمية.
بل هم على العكس متعلقون بالدنيا ومع أن لهم بصمات واضحة في بعض المشاريع التنموية إلا أن فشلهم في تحسين معيشة المواطن كان أحد أهم العوامل التي مهدت لثورة ديسمبر فتمسكهم بالسلطة والتمكين المستمر خلال فترة حكمهم جعلهم غير قادرين على مغادرة مربع “الأنا”، ولا يزال بعضهم يتصدر المشهد العام متجهالين توجيهات قادتهم التي تنادي بالتراجع المؤقت والعمل على مستوى الفرد لحين قيام الانتخابات والاستفادة من رصيد الثقة الشعبي الذي حصدوه في معركة الكرامة (تصريح غندور) .
الظهور المتكرر والمكثف للإسلاميين في فعاليات الدولة يُقلق الداخل قبل الخارج بل ويحرج حتى القيادات الوطنية التي تقود البلاد في هذه المرحلة الحرجة، نعم هناك مدارس مختلفة داخل الحركة الإسلامية، فمنهم من اختار ميادين المعارك سعيا للشهادة أو النصر ومنهم من يعتلي المنابر وتجيير عمل من هم في الميدان لصالحهم دون استحياء، ومن هنا اضم صوتي للقائد العام ومساعديه بأن هبة الشعب ضد المليشيا المدعومة من الخارج قناعة شعب تضرر من الحرب اللعينة التي اشعلتها مليشيا آل دقلو الاجرامية فأي محاولة لتحييرها لجهة من أي جهة نقض لتطلعات الكل في دحر العدو وأي مزايدة من أي جهة لفرض الأمر الواقع بالانطلاق من منصات الحراك الشعبي للتغلغل في مفاصل الدولة على المستوى السياسي والتتفيذي والاجتماعي أكيد هذه التطلعات ستتقاطع مع أمانة الشؤون الاجتماعية والعون الإنساني والثقافة والشباب والرياضة.
حقيقة هذه التدخلات تحدث ارتباكا وخاصة الأصوات المنادية بأن تكون الأجسام المعنية حاضنة سياسية ولحين عمل تصعيد من القواعد على كل الجهات الفاعلة صب نفسها في التدريب والقتال وشراء السلاح بعيدا من أنشطة حكومات الولايات خوفا من أي انزلاق.

هشام احمد المصطفي(ابوهيام ) رئيس التحرير

من أبرز المنصات الإلكترونية المخصصة لنقل الأخبار وتقديم المحتوى الإعلامي المتنوع والشامل. تهدف هذه المنصة إلى توفير الأخبار الدقيقة والموثوقة للقراء في جميع أنحاء العالم العربي من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة والأساليب المبتكرة في عرض الأخبار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى