
مقدمة: من هو القائد مصطفى تمبور؟
في خضم الصراعات والأزمات التي أنهكت جسد الوطن، يبرز بعض القادة كأعمدةٍ للسلام ورموزٍ للمحبة، يحملون راية التغيير بإيمان راسخ وشجاعة لا تلين. من بين هؤلاء يبرز اسم القائد مصطفى تمبور، رجل اختار طريق المصالحة على دروب النار، ومدّ يده بيضاء للسلام حين كان الآخرون يلوّحون بالبندقية. لم يكن اسمه عابراً في صفحات التاريخ المعاصر، بل حفر مكانته بين من قرروا أن يكونوا جسراً للعبور من الألم إلى الأمل.
إرث النضال وولادة قائد
ولد مصطفى تمبور في بيئة مشبعة بالتهميش والمعاناة، حيث كانت الهوية تُقاوَم بالصمت، والحقوق تُنتزع بالكفاح. لم يكن طنبور بعيداً عن وجع أهله، بل كان ابن الأرض الطيبة التي تعرف معنى الحرمان وتؤمن بعدالة المطالب. انخرط مبكراً في الحراك المسلح، لا حباً في البندقية، بل اقتناعاً بأن الكفاح هو اللغة التي يفهمها العالم حين يصمّ آذانه عن مطالب المقهورين.
لكنه – على عكس الكثيرين – ظلّ يحمل في قلبه بذرة سلام، لا يرضى بالقهر ولا بالانتقام، بل آمن أن النهاية الحقيقية لأي صراع هي طاولة الحوار، وليس ساحات القتال.

رجل يحمل مشروع السلام في قلبه
لم يكن توقيع القائد مصطفى تمبور على اتفاقية السلام مجرد موقف سياسي أو تكتيك مرحلي، بل كان تعبيراً عن قناعة راسخة لديه بأن الوطن يتسع للجميع، وأن الدم السوداني أغلى من كل الحسابات السياسية. جاء توقيعه في وقتٍ كانت فيه البنادق تصرخ، والمدن تحترق، لكنه قرر أن يضع سلاحه جانباً، ويلبس عباءة الساعي إلى الوئام.
وقد برهن على صدق نواياه، حين قاد حركته بوعي ومسؤولية نحو الالتزام بالاتفاق، والمشاركة الإيجابية في العملية السياسية، في وقتٍ فشلت فيه حركات أخرى في ترجمة وعودها للسلام إلى أفعال.

المواقف الوطنية: حين يعلو صوت الوطن
ما يميز القائد تمبور عن غيره، هو أنه لم يكن تابعاً لأي أجندة خارجية، ولم يسمح لحركته بأن تكون أداة في يد قوى إقليمية أو دولية. ظلّ قراره سودانياً صرفاً، نابضاً بروح الاستقلالية، بعيداً عن الاتجار بالقضية. ولذلك حين حاول البعض استغلال ملف الحركات المسلحة لإشعال الفتن أو تمرير مصالح ضيقة، كان طنبور صريحاً في رفضه، رافضاً أن تكون قضيته جسراً للمتاجرة.
كما وقف بقوة ضد أي محاولات لتفكيك السودان أو تهديد وحدته، مشدداً على أن مطالب أهل الهامش لا تتناقض مع وحدة الأرض والشعب، بل تأتي لتقوّي النسيج الوطني عبر تحقيق العدالة والإنصاف.

نموذج في القيادة والانضباط
في تجربته السياسية والعسكرية، برز تمبور كقائد منضبط، يحترم المؤسسات ويؤمن بالتدرج. لم يعرف عنه التهور أو الاندفاع، بل كان يزن الأمور بعقلية الدولة لا عقلية الغنيمة. ولذلك استطاع أن يحافظ على وحدة حركته، ويمنع الانقسامات التي أطاحت بحركات أخرى.
وفي أدائه، أظهر احتراماً كبيراً للسلطة المدنية، وكان من أوائل الداعمين لانتقال السلطة إلى المدنيين في حال توفر الشروط الواقعية لذلك. كما رفض الانخراط في أية مغامرات قد تجر البلاد إلى حروب جديدة، مؤمناً أن السلام الحقيقي يحتاج لصبر وشراكة حقيقية بين كل الأطراف.
القائد الإنساني.. المحبة قبل السياسة
بعيداً عن السياسة والسلاح، يُعرف تمبور بأنه شخصية اجتماعية محبوبة، قريبة من الناس، لا يتردد في تقديم المساعدة، ويؤمن أن الزعامة لا تكتمل إلا بلمسة إنسانية عرفه الناس في ميادين العمل الاجتماعي، ودعمه لأسر الشهداء والجرحى، وسعيه المتواصل لتحسين أوضاع اللاجئين والنازحين.
كما لم يتردد في زيارة المناطق التي تضررت من الحرب، ومحاورة الأهالي، ومشاركتهم آلامهم وآمالهم، متعهداً بالعمل على تجاوز الماضي والبدء في مسار تنموي يُعيد الكرامة للمواطن.
إن
تحديات المرحلة وموقفه منها
رجل المرحلة لا يكون كذلك إلا إذا فهم تعقيدات الظرف، وهذا ما أدركه القائد تمبور جيداً. فهو يعلم أن السلام ليس اتفاق أوراق، بل مسؤولية مستمرة، تتطلب معالجة قضايا الأرض، والعدالة، والتوظيف، والتعليم، والبنية التحتية.
وفي تصريحاته، يحرص تمبور على التأكيد بأن صبر الناس ليس أبدياً، وأن التهميش لن يُعالج بالشعارات، بل بالقرارات الملموسة. ولذلك ظلّ يطالب الحكومة المركزية بالإسراع في تنفيذ اتفاق السلام، ودمج القوات، ودعم الولايات المتأثرة بالحرب، وفتح الأبواب أمام أبناء الهامش للمشاركة العادلة في السلطة والثروة.

ثبات على المبدأ رغم الإغراءات
في وقتٍ تهافت فيه كثيرون على المناصب والامتيازات، ظلّ مصطفى تمبور ثابتاً على مبدئه، رافضاً التورط في أية صفقات على حساب كرامة حركته أو قضيته. لم يكن يسعى إلى وزارة أو منصب دستوري، بل سعى إلى ضمان مستقبل كريم لأهله.
لقد قدّم درساً في الزهد السياسي، وجعل من مبدأ “الحق قبل المكاسب” قاعدة لحركته ومواقفه. لذلك نال احترام أعدائه قبل أصدقائه، وفرض نفسه كرقم وطني لا يمكن تجاوزه.
رسالة للمستقبل: من الثورة إلى الدولة
يدرك القائد تمبور أن المرحلة القادمة تتطلب الانتقال من عقلية الثورة إلى عقلية الدولة، وهذا ما عبر عنه في لقاءاته مع الإعلام، حين دعا إلى بناء مؤسسات قوية، وسياسات عادلة، وشراكة شفافة بين المركز والهامش.
وهو يرى أن الشباب هم ركيزة المستقبل، لذلك دعا إلى تمكينهم، وتوفير فرص العمل لهم، ودمجهم في عمليات البناء، حتى لا يقعوا فريسة للتطرف أو العودة إلى حمل السلاح.
الخاتمة: حين يتحول القائد إلى رمز
ليس سهلاً أن يتحول رجل من هامش السودان إلى رمز وطني جامع، لكن مصطفى تمبور فعلها. فعلها حين اختار السلام على الحرب، والمصالحة على الفتنة، والانضباط على الفوضى، والموقف على المصلحة.
إنه اليوم لا يمثل فقط حركة، بل يمثل فكرة، فكرة أن الهامش قادر على إنتاج قادة وطنيين، وأن السودان لا يُبنى بالبنادق بل بالعقول المؤمنة بالوطن الواحد.
ومن هنا، فإن التاريخ سيكتب اسم القائد مصطفى تمبور كواحد من أولئك الذين لم يساوموا على وطنهم، ولم يخونوا مبادئهم، بل قدموا نموذجاً حقيقياً لما يجب أن يكون عليه القائد الوطني في زمن الانهيار.
اللهم بلغت فاشهد



