
جاء رجل في منتصف العمر إلى مكتب المباحث المركزية بالخرطوم ،يحمل في يده أوراقاً من النيابة تفيد بسرقة أجهزة كهربائيه منه ، وهي ضمن ما تم استرداده بطرف المباحث .
قال الرجل :
“سُرق مني جهاز تلفاز 40 بوصة ،و غسالة 10 كيلو، وجهاز تكييف ”
داخل مبنى المباحث ذهب الرجل بصحبة أفراد من الشرطة ليتعرف على منهوباته ضمن المسروقات التي تمكنت قوات الشرطة من أستردادها عقب تحرير الخرطوم ، أشار الرجل إلى شاشة تلفاز و غسالة وجهاز تكييف قائلاً: “هذه ممتلكاتي “.
حينها وعند مراجعة الضابط المسؤول قبيل مغادرته مبنى المباحث، سأله الضابط:” هل أنت متأكد أن جهاز التلفاز هذا ملكك؟”
قال :”نعم هو جهازي”
رد الضابط :”لكن هذه الشاشة مقاسها 50بوصة و شاشتك التي قلت انها ُسرقت 40 بوصة.”
ثم قال له :”وهذه الغسالة زنتها عشرون كيلو ، و أنت قلت إن غسالتك المسروقة زنة عشرة كيلو .!!
أجاب الرجل انه قد اختلطت عليه الأرقام، لكنها ممتلكاته !!هنا ساور الشك الضابط فطلب من اثنين من العساكر مرافقة الرجل إلى منزله .
وكانت المفاجأة حين وصلوا إلى سكن الرجل ، إذا تبين أنه يقيم في راكوبة من القش في قطعة أرض خالية !!
سألوه:” لو تجاوزنا عن المعلومات الخطأ بشأن حجم الشاشة و زنة الغسالة كيف يستقيم تركيب جهاز Split على جدار من القش …؟”
عاد العساكر بالرجل مرة أخرى إلى الضابط الذي طالبه بالتفسير ،وهنا أنهار الرجل معترفاً بأن أحدهم أخبره انه ماعليه سوى أن يقسم على المصحف الشريف أمام وكيل النياية ،ثم يذهب بإفادة النيابة إلى مباحث الشرطة، و هنالك يوجد فناء واسع به كل المسروقات، يمكنه الحصول على ما أقسم عليه.
تم أسترداد المسروقات إلى مباني المباحث بعد ان ضلت طريقها للمرة الثانية إلى غير صاحبها .
ولكن …
تبقى هذه الواقعه لتكشف مجموعة من الثغرات التي يتسلل من خلالها ضعاف النفوس .
هل يكفي أن يؤدي أحدهم القسم أمام وكيل النيابة ليحصل على أي شكل من المنهوبات ؟ سيارات ، ذهب ، معدات ، أجهزة كهربائية اثاثات، مقتنيات، ..؟
وماهي الآلية للتثبت من أحقية هذا الشخص بهذه الممتلكات….؟؟
وما الفائدة من استرداد مسروقات من لص ليحصل عليها لص آخر؟
ومتى يتم تفعيل قانون رادع لمرضى النفوس هؤلاء ،و حماية المجتمع منهم، و الحفاظ على ممتلكات المواطنين ؟
غير بعيد عن هذه الحادثة ،اخبرتني إحدى النساء الفضليات أنها ،وحين عادت إلى بيتها عقب تحرير الجيش لولاية الخرطوم وجدت كل اوانيها المنزلية وحتى فترينة العرض في بيت جارتها التي كانت تحرس هي و زوحها منزلاً تحت التشييد ، وقد سبق لمحدثتي أن ساعدتها كثيراًبالطعام والشراب والملابس وحتى الدواء .
إن ما يحدث في ولاية الخرطوم الآن تحديداً من فوضى جنجويد السرقات يحتاج إلى قرارت قوية و شجاعة ،وإلى يد صارمة حاسمة تعيد الأمن والأمان
ابتداءًمن دك بؤر الجريمة ،وليس انتهاءً بإزالة كل المظاهر السالبة التي تتنامى بفعل المجاملة و” باركوها “.
*خارج السور
ما بعد 15أبريل لن يكون كما قبله ،و ماتم الصمت و التجاوز عنه سابقاً لن يحدث مجدداً.