الرأي والتحليل

دولة القانون.. د عبد العظيم حسن المحامي يكتب: أ. د. علي سليمان

حين تُذكر كلية القانون بجامعة الخرطوم، يتردّد في الذاكرة اسم الأستاذ الدكتور علي سليمان. فالارتباط الوثيق باسمه لا يعود إلى كونه أستاذًا مميزًا فحسب، بل لأنه قلب نابض بالحب والوفاء لزملائه وطلابه لأكثر من نصف قرن.
تخرج في كلية القانون عام 1964، ونال دراساته العليا من جامعة لندن، ليعود إلى تدريس القانون الدستوري وحقوق الإنسان دون أن تشغله المحاماة أو غيرها عن صرحه العلمي الأول. ومنذ ذلك اليوم، سار على دربٍ اختاره بصدق: أن يجعل من القانون رسالةً للعدل، ومن التعليم رسالةً للإنسان.
بعد ثورة أبريل، تولّى عمادة الكلية، فكان رمزًا للنزاهة والعطاء، حتى جاء عهد الثلاثين من يونيو لينهي فترة عمادته بتعيين الأستاذ حافظ الشيخ الزاكي مكانه. غير أن الألق لم يغادره، لأن المناصب لا تصنع الكبار، بل الكبار هم من يمنحون المناصب قيمتها.
كان د. علي سليمان يعرف طلابه واحدًا واحدًا؛ يعرف أسماءهم ووجوههم وأحلامهم، ويعرف آباءهم وأمهاتهم. وبعد سنين، حين تلتقيه مصادفة، يبادرك بالسؤال عن أسرتك وكأن الأمس كان محاضرة الأمس. لم يكن أستاذًا للقانون فحسب، بل كان أستاذًا للوطن والإنسان، يزرع القيم ويغرس الطمأنينة في النفوس.
في حضرته تشعر أنك أمام أبٍ يتابع أبناءه بنظرة فخرٍ وحنان. كانت ملامحه تحمل وقار العلماء ودفء الإنسان، وصوته الهادئ يوقظ في طلابه حب المعرفة والإخلاص. لقد ترك علي سليمان فينا ما هو أبقى من الكتب والمناهج؛ ترك إنسانًا يؤمن بأن التعليم رسالة قلبٍ قبل أن يكون مهنة عقل. فالعزاء موصول إلى زملائه وأبنائه وبناته وأسرته الكريمة.
ألا رحم الله العالم الجليل أ. د. علي سليمان رحمةً واسعة، وجعل علمه شافعًا له، وأكرمه بالمغفرة والرضوان، وأعتقه من النار، وجعل مثواه الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
الخرطوم
9 أكتوبر 2025

هشام احمد المصطفي(ابوهيام ) رئيس التحرير

من أبرز المنصات الإلكترونية المخصصة لنقل الأخبار وتقديم المحتوى الإعلامي المتنوع والشامل. تهدف هذه المنصة إلى توفير الأخبار الدقيقة والموثوقة للقراء في جميع أنحاء العالم العربي من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة والأساليب المبتكرة في عرض الأخبار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى