
من المعلوم أن للشرطة السودانية دور كبير في بسط وحفظ الأمن وتقديم الخدمات و في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه المجتمعات المعاصرة، بات من الضروري إعادة التفكير في دور الشرطة، ليس فقط كجهة أمنية، بل كشريك فعّال في بناء مجتمع آمن، متماسك، ومتعاون. ومن هنا، تبرز أهمية الشرطة المجتمعية كنهج حديث يسعى إلى تعزيز الثقة، وتحقيق الأمن عبر التعاون بين الشرطة والمواطنين ، وقيل حديثًا ( الشرطة والمجتمع في خدمة الوطن ) .
لقد تغيّر مفهوم الأمن في السنوات الأخيرة؛ فلم يعد مقتصرًا على مواجهة الجريمة بعد وقوعها، بل أصبح يشمل الوقاية، والوعي، والشراكة المجتمعية ، وفي هذا السياق ننتظر من الشرطة المجتمعية الكثير، خاصة في ظل التحوّلات الاجتماعية، والضغوط الاقتصادية، والتغيرات الثقافية التي يعيشها العالم اليوم ، ويأتي ذلك من خلال بناء الثقة مع المواطنين فالثقة هي حجر الأساس في أي علاقة ناجحة بين الشرطة والمجتمع. وبدونها تصبح العلاقة متوترة يغلب عليها الشك وسوء الفهم ، وكذلك من الأهمية أن تكون الشرطة المجتمعية قريبة من الناس، تستمع إليهم، وتفهم مشكلاتهم، وتتفاعل معهم بروح الخدمة لا السلطة والردع فقط و هذا يتطلب تدريبًا مستمرًا لعناصر الشرطة على مهارات التواصل، وفهم التنوع الثقافي والاجتماعي داخل المجتمع.
من أبراز مزايا ومهام الشرطة الوقاية قبل التدخل ، فالمجتمعية تعمل على الوقاية من الجريمة بدلًا من الاكتفاء بردّ الفعل بعد وقوعها من خلال التعاون والتنسيق مع المدارس، ولجان الأحياء، والمنظمات المجتمعية، فيمكن للشرطة رصد المشكلات مبكرًا، وتوجيه الجهود لمعالجة أسبابها الجذرية، سواء كانت بطالة، أو تفكك أسري، أو تعاطي مخدرات أو غيرها من السلوكيات التي تؤثر على المجتمع السوداني الأصيل وذلك من خلال انتشار عربات الدوريات والارتكازات ونقاط بسط الأمن الشامل والاستجابة الفورية للبلاغات .
من الطبيعي أن تواكب الشرطة المجتمعية التطور و التكنولوجيا فكلما تطور العلم تطورت الجريمة فلابد من الحداثة والمواكبة من خلال تأهيل وتدريب الأفراد والضباط بصورة مستمرة داخل وخارج السودان لارتفاع الحس الأمني لدي الشرطيين، ولا يقتصر هذا الحس عليهم فقط بل من الأهمية أن يتوفر في المواطن
من خلال مراقبته وملاحظته في المنطقة التي يسكن فيها والإبلاغ الفوري عن أي تجاوزات أو سلوكيات مشينة تؤثر بشكل مباشر على حياة الناس .
كلمة أخيرة….
لا يمكن للشرطة وحدها أن تحقق الأمن والاستقرار، فذلك مسؤولية مشتركة ، لكن يبقى على الشرطة المجتمعية أن تقود هذا التغيير وأن تكون الجسر الذي يربط الدولة بالمواطن، ويحوّل التحديات إلى فرص لبناء مجتمع أكثر أمنًا وتماسكًا. نعم ننتظر منها الكثير ونأمل أن تكون خير معين للمواطنين من خلال التعاون مع لجان الأحياء وعمل برامج وأنشطة مفيدة والقيام بأعمال التوعية والتثقيف بأنواعه ومثال لذلك منع ضرب السلاح في المناسبات تحت شعار : ( أفراح بلا سلاح ) .