الرأي والتحليل

كر البلقاء.. ممدوح حسن عبد الرحيم يكتب: جرعة غيظ

أعتقد أنه قد حان أوان جرد الحساب بعد أن رأينا الخراب وأصبحنا نقلب كفينا حسرة وعذاب على ما انفقنا من وقت جريا وراء السراب وقد فقدنا الأحباب وذقنا العذاب وأضحت أرضنا الخضراء يباب.
أليس كل هذا يكفي يا أولى الألباب فمن الفائز أو الخاسر إذن إذا لم تبقى لنا أرض أو يمطر عليها سحاب.
نعم لكل واحد منا مظلمته ويريد أن يشفي غليله ولو اتخذ كل الوسائل والأسباب فإن ذلك عنده ألذ شراب.
بدأت الحرب قديما جدا وكنا نرى شرارها صغير يمكن اخماده دون صعاب فماذا يعني أن أولد نوباويا أو جعليا أو زغاويا أو جنسا آخر خلقه الله الوهاب.
هكذا ولدنا في دارفور أو الشمالية أو الشرق أو الجنوب فهل منا من اختار مولده وقال هذا وحده هو الصواب.
فإن منا الاسمر والأسود والأبيض والأحمر والأصفر فهل في هذا شيء يعاب (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم).
أكرمنا عند خالقنا فنحن خلقه وعياله.
أظن أن طقسنا الحار وشمسنا الحارقة جعلت تناقضاتنا طاغية وليس لنا أذن واعية ، قبلية مدمرة وعنصرية قاتلة وفرق وجماعات وأحزاب هائلة لا تجمعنا عائلة وتفرقنا الدنيا الزائلة.
هذا سني وهذا صوفي ليس بينهما مودة واصلة وهذا إسلامي وهذا يساري حدودهم فاصلة هذا هلالابي وهذا مريخابي وهذا وهذا تجارب بيننا ماثلة.
أكثر من خمسين حزبا أمة في جاهلية جاهلة حكومة ومعارضة والنار بينهم حامية.
وللأسف تربى أبنائنا في هذه الأجواء القاتلة ونشرتها جرثومة خلافاتنا الناقلة.
ليس لنا وطنية وغرسنا في قلوبهم الغل والكراهية وعمقنا القضية .
أنظروا هداكم الله لأسباب الحرب الماثلة هل تركت من باقية رغم أسبابها الواهية، فهي ضد دولة 56 التي كانت في الأيام الخالية وهي ضد الفلول الذين زالت دولتهم عادلة أو فاجرة وهي ضد التهميش حجج ماكرة وهكذا أراد لها الأعداء تفجير البراكين الثائرة وتقتلنا بالضربة القاضية، فلماذا لا نسأل أنفسنا هل هذه مبررات للدماء السائلة وهل هذا طريق يوصلنا لدولة فاضلة لماذا قد نسينا حضارتنا الكاملة ممالكا إسلامية وأمة مجاهدة غازية تهابها الأمم وتفر من أمامها جارية ثورات عظيمة وذكريات سارية .
صحيح كادت الحرب أن تنتهي ولكن هل نظفنا تلك الأدران الباطنة والظاهرة وهل أقمنا الصلاة الحاضرة في أرض الوطن الطاهرة.
لماذا لم يخرج تنوعنا الذي أكل من كل الثمرات عسلا مصفى يطعم البطون الطاوية كما النحل تأكل من كل الثمرات وتخرج شرابا مختلف ألوانه فيه شفاء للناس وعافية.
لماذا لا نلقى السلاح ونجلس في أرض خالية ونضمد الجراح الغائرة ومن كان منا بلا خطئية فليرمها باحجار قاتلة.
لماذا كل العالم يقول تحيا دولتنا ونحن نقول تحيا قبيلتنا لماذا لا نقول كلنا جميعا يحيا السودان.
لماذا لا ندرس في مناهجنا التربية الوطنية ونمحو من كتبنا حمية الجاهلية، لماذا نريد أن نأخذ حقنا بأيدينا ونسحق غيرنا ونريد له الدنية لماذا لا نقول لبعضنا بعضا بكل شجاعة لا تثريب عليكم اليوم أذهبوا فأنتم الطلقاء.
نعم سوف نتجرع الغيظ وننسى الظلم والقهر والقتل والسلب والاغتصاب والنهب والنزوح والتشرد وتنمر كل من هب ودب.
نعم سوف ننسى كل ذلك ونجعلة دواء نتجرعه لأنه هو الدواء المر الذي فيه شفاء بإذن الله .
لماذا أذن لا نتجرعه ونفتح صفحة بيضاء تسر الناظرين لتكون صفحة وطن يتعافى ويتصالح ويبني ويضم في رحابه كل أهله الذين ولدوا من رحم واحد وأباء متفرقين.
لماذا لا نترك السياسة في أرضها البوار ونعمرها فقط بالانتخابات ونتفرق لبناء المؤسسات خدمة مدنية صافية من شائبة الواجهات قضاء مستقل ووزارات عدالة ناجزة ومحاكمات فترة رئاسية َمحددة بالسنوات تحكمها الإنجازات تتنافس عليها الأحزاب والجماعات جيش قوي في الثكنات تعليم عالٍ مدارس وجامعات عدالة فوق الجميع حقوق وواجبات فلماذا نترك صحراء السياسة الزاحفة تزحف على أرضنا البكر وتنزع عنها الخصب والبركات هل نعشم في صفحة جديدة كلها إشراقات تتيح المجال للجيل الجديد الذي عانى من الحروبات ولماذا لا ينسحب الجيل القديم سبب النكسات الذي قضى على الإنسان والحيوان والنبات نقول لهم أذهبوا جميعا فقط مهدوا الأرض للانتخابات وأن يكون في قانونها منع الترشح لمن تجاوز الثلاثين من السنوات نعم ولنا في قصص القرآن عبرة فإنه يهلك الجيل الذي خاض في الظلمات ويخرج من أصلابهم جيل جديد بكل المواصفات، نعم فقد دفعنا الثمن قتل وحروبات وجاء أوان جني الثمرات ، نعم سوف نتجرع الغيظ ولا نرجع من جديد لتصفية الحسابات، يحيا السودان وجيل البطولات ويحيا الجيش السوداني الذي حقق المعجزات وتقبل الله الشهداء والأموات.

هشام احمد المصطفي(ابوهيام ) رئيس التحرير

من أبرز المنصات الإلكترونية المخصصة لنقل الأخبار وتقديم المحتوى الإعلامي المتنوع والشامل. تهدف هذه المنصة إلى توفير الأخبار الدقيقة والموثوقة للقراء في جميع أنحاء العالم العربي من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة والأساليب المبتكرة في عرض الأخبار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى