
في الأيام الماضية نشرت بعض الأقلام مقالات تحاول أن تصور للرأي العام وجود خلافات بين القائد العام للقوات المسلحة ونائبه وتنسج حول الأمر روايات متضاربة عن صراع مكتوم أو منافسة على النفوذ أو حتى خلافات حول من يدير الدولة ومن يوجه القرار. هذه المقالات رغم اختلاف أساليبها إلا أنها تلتقي في غرض واحد بث الشكوك وضرب الثقة بين قيادات الصف الأول.
الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع هي أن ما يكتب في هذا الاتجاه لا يستند إلى أدلة بل يعتمد على التهويل والتضخيم وصناعة الدراما السياسية بينما الواقع الماثل أمامنا يقول شيئاً آخر تماماً.
القائد ونائبه قادا معا معركة الكرامة وظهرا في الميدان وفي المحافل الدولية على قلب رجل واحد التباينات في الرأي داخل أي مؤسسة أمر طبيعي وصحي لكنها لا تعني خلافا أو انقساما. المؤسسة العسكرية مؤسسة منضبطة تحكمها القوانين والتراتوبية وأي اختلافات تتم إدارتها داخل هذه المنظومة بعيدا عن الشائعات.
بعض هذه المقالات حاولت أن تروج لفكرة أن المستشارين هم الذين يديرون الدولة وأن القرارات الكبرى تتخذ من خارج المؤسسات الرسمية. هذا غير صحيح فالمستشارون في كل دول العالم يكلفون بمهام محددة من القيادة ويعملون في إطار صلاحيات واضحة ولا يحلون محل القرار السيادي أو العسكري. الحديث عن الأوراق والمخصصات والسيارات ما هو إلا محاولة رخيصة لتشويه صورة القيادة وتبسيط معركة كبيرة بحجم معركة السودان.
إقحام قصص تاريخية أو الاستناد إلى شهادات قديمة لتضخيم صورة الخلاف بين القادة لا يخدم إلا أجندة الفتن هذه الكتابات تتجاهل أن المرحلة الحالية ليست مرحلة تناحر على المناصب بل مرحلة بقاء وطن حيث تتوحد القوات المسلحة مع شعبها ضد مليشيا غازية ومرتزقة يعملون لتفكيك الدولة.
الانتصارات العسكرية والسياسية التي تحققت لم تكن لتتم لو كان هناك انقسام داخل القيادة. الثقة المتبادلة بين القائد ونائبه والدور المساند للمستشارين والالتفاف الشعبي حول القوات المسلحة هي حقائق أكبر من أن تهزها مقالات أو حملات تشويه.
إن وحدة الصف داخل القيادة العسكرية والسياسية ليست شعارات بل واقع أثبتته معركة الكرامة وما تلاها. محاولات زرع الشقاق عبر المقالات والتحليلات المأزومة لن تغير من الحقيقة شيئاً لأن القيادة تمضي بثبات والشعب يرى بعينيه أن السودان يدار بإرادة وطنية موحدة لا بأقلام تبحث عن الإثارة و اجندة مشبوهة