الرأي والتحليل

محمد طلب يكتب: (الشوقرين) و مقتل الطبيبات الطيبات

سبق أن تحدثنا في مقالات سابقة وشرحنا أمر (الشوقرين) وفصلناهما إلى (الشوقر مامي والشوقر دادي) و أسهبنا في ذلك و تعرضنا لكل مصطلح في مقال منفصل.. كما سبق أن تحدثنا في سلسلة مقالات عن موضوع الزواج و اخترنا نفس المقالات لتكون في خاتمة كتابنا الموسوم بــ (مقالات في الحب والحرب) الصادر عن دار الياسمين للنشر والتوزيع المصرية.
وتعرضنا في تلك المقالات لضرورة إعادة النظر في أمر (عقد الزواج) و ضرورة تقييد (فوضى تسهيل الزواج) لأنه في الأصل سهل وبسيط جداً إن أردنا له ذلك و قد تم تعقيده بالتقليد وخلل التربية والتعليم و(البوبار) و أشرنا إلى أنه لا بد من تكاتف جهود علمية قانونية وشرعية وطبية و اجتماعية وتثقيفية للخروج بمفهوم جديد لعقد الزواج و من أهم النقاط التي أشرنا لها في تلك السلسلة أن أي عقد زواج بين طرفين من الضرورة أن يختلف عن غيره من العقودات الأخرى لأزواج آخرين في التفاصيل المبنية علي دراسة حالة أطراف العقد و فهمهما لبعضهما ليضعوا الشروط والالتزامات بأنفسهم.. مع الابتعاد عن العقد التقليدي إلى عقود نفصيلية… كما أظن أيضاً أن من أهم النقاط التي تعرضت لها سلسلة المقالات التي لم تكتمل بعد.. هو خلق وزارة سيادية تسمى (وزارة الشؤون الزوجية) مثلها مثل وزارة الشؤون الداخلية أو وزارة الشؤون الخارجية بل وأهم منهما لأن الزواج هو أساس تكوين الأسر والجماعات و الشعوب …
و خضوع أمر الزواج لكثير من الإجراءات التي من شأنها أن تعمل على (تصعيب الطلاق) وضوابط الاختلاف المتوقعة …
ومن النقاط المهمة جداً اننا اقترحنا أن يكون عقد الزواج محكوم بمدى زمني معين محدد و قابليته للتجديد بعد انتهاء المدى الزمني المحدد أو (التسريح) مع الأخذ في الاعتبار للمسجتدات والتغيير الذي يحدث بعد الزواج عند تجديد العقد مما يساعد في أمر استدامة الزواج …
وأشرنا من طرف ما إلى أن مشاكل السودان في أصلها مشاكل اجتماعية في المقام الأول إنعكست على الأحوال الاقتصادية والسياسية والثقافية وعلى كل الأمور الحياتية و أمر الاستدامة في العلاقات (كل العلاقات)…
========
تناول المجتمع والوسائط الاجتماعية قبل أيام بحزن وآسى كبيرين الحادث الماسأوي لمقتل الدكتورة (روعة علاء الدين) بمدينة مروي قرب مكان عملها بالمستشفى الصيني على يد (طليقها) الذي سدد على جسدها عدد كبير من الطعنات بالسكين كما نقلت الوسائط وشهد التناول لهذه المأساة من جوانب سياسية وانتماء (الطليق القاتل) الطليق الحر إلى جهات سياسية معينة ومنظمات وصفت بالإرهابية و ربط الأمر بموضوع الحرب العبثية (السودانية السودانية) و دائما فيما أكتب أصر على استخدام ما بين القوسين في وصف الحرب الحالية بالسودان…
ولا شك عندي مطلقاً أن هذه الحرب كان لها التأثير الكبير و الواضح في العلاقات الاجتماعية سلباً و ايجاباً و على وجه الخصوص العلاقات بين الأزواج وأفراد الأسرة الواحدة والأسر الممتدة وسبق أن كتبت أنه لا بد من عمل احصائي دقيق لحالات الطلاق والزواج خلال سنوات الحرب ولكن نحن في بلد لا توجد لديه اهتمامات أصلاً بأمر الاحصاء.
لا من قريب ولا من بعيد و مدى أهميته في صناعة المستقبل والتخطيط الإسترتيجي ففي هذه الحرب العبثية لن تجد من يحصي عدد القتلي والجرحي ناهيك عن غيرهم و حتى عدد الجيوش المحاربة والقوات المسلحة نفسها في ظل هذه الفوضى لن تكون قادرة على حصر مفقوديها بل ربما لا تعلم عدد القوات المحاربة أصلاً و عتادها وهو أمر مهم جداً في حال انتهاء الحرب وجمع السلاح… فالسلاح الآن يباع في الأسواق مثل البصل وغير معلوم العدد والنوع والله يهون (لي قدام)…
في حادث مقتل الدكتورة روعة علاء الدين رحمها الله من المعلوم للجميع أنها طبيبة لكني وغيري لا نعلم ما هي وظيفة قاتلها (طليقها) الحر الطليق ومدى التقارب المهني أو الاجتماعي بينهما وكثير من الأسئلة التي يفرضها تناول الجريمة في جانبها الاجتماعي …
فالأربعة عقود الأخيرة خلقت مساحة شاسعة من التفاوت بين طبقات المجتمع مما خلق الكثير من المشكلات الاجتماعية وكذلك التفوق الانثوي في التعليم واتجاه الذكور لخدمة النظام الحاكم في أجهزته الأمنية والحزبية لما رأوه من مكاسب حاز عليها من أقرانهم و من في دورهم من خدمة النظام الحاكم و حزبه مما خلق فجوة كبيرة بين الجنسين في مستوى التعليم والفهم والإدراك وقد لاحظنا في الثورة التي اطاحت بالنظام أن العنصر النسائي كان الأكثر وجوداً و تواجداً و فعل فعالية
وبشكل عام خلال الثلاثة عقود التي حكم فيها النظام (الإسلاموي) ارتفع عدد اغتراب البنات المتعلمات تعليم عالي وهجرتهن إليى الغرب بشكل واضح جداً وملحوظ مما زاد الفجوة والتفاوت الاجتماعي والمادي تحديداً بين الجنسين بشكل لافت وملحوظ وبالتالي تبع ذلك تغيير في طريقة التفكير أدى إلى إحداث تغيير اجتماعي كبير و من ذلك ظاهرة (الشوقرين) التي تحدثنا عنها من قبل بالتفصيل…
و من الملاحظ في الفترة الأخيرة انتشار ظاهرة قتل طبيبات بواسطة أزواجهن بعد خلافات وطلاقات فقد سمعنا و إطلعنا على أكثر من حادث في السنوات الأخيرة عن مقتل طبيبة على يد زوجها او طليقها و تزامن ذلك مع وجود أعداد محترمة من الطبيبات المغتربات مع إقبال بعض دول الخليج على طلبهن فأغتربن و تزوجن لأسباب تضيق بها هذه المساحة بطريقة (الشوقر مام) أو غيرها لتصبح هي الزوجة العاملة والمسؤولة عن مصاريف أسرتها و زوجها وأهلها ومصاريف أهل الزوج أحياناً في مجتمع (العنجهة الذكورية) المتعطلة الخاملة و مؤخراً المسلحة ..
واضح أننا أمام ظاهرة في منتهى الخطورة زادتها الحرب المشتعلة الآن و تحولت إلى كوارث تستوجب وقفات و تأمل وحلول عاجلة رغم الحرب والمستقبل القاتم نسأل الله أن تقف هذه الحرب عاجلاً وأن يكون (الحل في الفل) وما بين القوسين سيكون عنوان مقالنا القادم إن شاء الله……

هشام احمد المصطفي(ابوهيام ) رئيس التحرير

من أبرز المنصات الإلكترونية المخصصة لنقل الأخبار وتقديم المحتوى الإعلامي المتنوع والشامل. تهدف هذه المنصة إلى توفير الأخبار الدقيقة والموثوقة للقراء في جميع أنحاء العالم العربي من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة والأساليب المبتكرة في عرض الأخبار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى