
تقدم وزير الدولة بوزارة الخارجية السفير عمر صديق باستقالته عن العمل كثاني وزير يقدم على هذه الخطوة بعد استقالة وزير الصحة الاتحادي د.المعز عمر بخيت بسبب الظروف الصحية.
ثقافة الاستقالة عن المنصب ليست من (الأدبيات الشائعة) عندنا في السودان فلذلك هذه (ظاهرة حميدة) أطلت علينا برأسها ونتمنى أن لا تختفي للذي لم (يأنس) في نفسه (الكفاءة) في قيادة أي منصب قيادي.
وزارة الخارجية من الوزارات (السيادية) ولما لديها من دور كبير ومؤثر وبالذات بعد اندلاع معركة الكرامة.
حققت الدبلوماسية السودانية (إختراقات) كبيرة ونجاحات متعددة لم تقل بأي حال َمن الأحوال من الانتصارات العسكرية التي حققها الجيش السوداني في ميادين القتال.
رئيس مجلس الوزراء البروف كامل إدريس فضل قيادة هذه الوزارة (بشخصه) وتحت (إمرته) وذلك للعديد من الإعتبارات والمبررات الواقعية وقام بتعيين (وزير دولة) كمساعد له والبون شاسع ما بين (الوزير الاتحادي ووزير الدولة).
منصب (وزير الدولة) ابتكرته حكومة (الإنقاذ) من أجل الترضيات للأحزاب التي تشاركها في السلطة.
في ذات مرة من المرات وجه لي أحد الأصدقاء سؤالا عن (ماهية) (منصب وزير الدولة) سلطانه وصلاحياته ومخصصاته فرددت عليه بقولي (وزير الدولة دا زي الشخص القاعد مع نسابتو اهل زوجتو فيكون مسلوب الإرادة ولا قرار له) فدخل صديقي في (موجة من الضحك المتواصل) حتى ظننت أنه لم يسكت.
قبل تعيين رئيس مجلس الوزراء أصدر رئيس مجلس السيادة قرارا بتعيين السفير عمر صديق وزيرا للخارجية وكان وقتها سفيرا للسودان بدولة الصين إلا أننا تفاجأنا بقبوله منصب (وزير دولة بالخارجية بدلا من وزيرا للخارجية (كامل الدسم) وفعلا قبوله بالمنصب (الأقل) كان مثار تساؤل واستفهام).
أنسب شخصية لقيادة منصب وزير الخارجية السفير أونور أحمد أونور الذي يشغل الآن منصب مدير إدارة القنصليات بوزارة الخارجية وبذلك يكون شرق السودان قد حاز على 3 حقائب وزارية وهما حقيبة وزارة العدل والداخلية والخارجية وبذلك يكون شرق السودان خرج من (دائرة التهميش السياسي) وما فيش حد أحسن من حد.
وزارة الخارجية لا تتحمل أي (فراغ) وذلك لحساسيتها وتعقيداتها التي تتطلب وجود وزيرا على هرم قيادتها وبالذات في هذا التوقيت.
ملف العلاقات الخارجية ملف (ساخن على طول) وملئ بالمستجدات المتجددة وفي بعض الأحيان يحتاج إلى مواقف عاجلة في بعض القضايا غير القابلة للتأخير أو التأجيل أو المماطلة.
أي فراغ في وزارة الخارجية هو فراغ في (جسد الدولة) المثخن بالجراحات والآلام فلذلك لا بد من ملء (الفراغ) بأعجل ما يمكن.
وكيل وزارة الخارجية دوره محدود جدا ولا يمكن أن يقوم بدور الوزير إلا في حالات (استثنائية محدودة) ووفقا لظروف معلومة ومقدرة وهذا الأمر في ظل تشكيل الحكومة بقيادة رئيس الوزراء أمر غير مقبول.
معركة السودان اليوم معركة (خارجية) من الطراز الأول فلذلك يتطلب الأمر نظرة مختلفة في التعاطي مع ملف العلاقات الخارجية.
وزير خارجية (مكتف ومقيد) ومحاسب في كل صغيرة وكبيرة حتى في عدد مرات (أنفاسه) لا يخدم السودان في هذه المرحلة فلا بد من وزير خارجية قوي وشجاع وصاحب مبادرات واهم حاجة أن يكون (مقنع لنفسه) قبل أن يكون (مقنع) للآخرين.
وزارة الخارجية في السودان الوزارة الوحيدة التي تدار عبر (العديد من الرؤساء) ولا تدري من هو (رئيسها المباشر) فلذلك التدخلات والتقاطعات من قبل القيادة العليا في الدولة (أضر) بها كثيرا وقديما قيل (رئيسان يغرقان المركب).