
توجه رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان إلى العاصمة القطرية الدوحة متزامنا مع زيارة رئيس مجلس الوزراء البروف كامل إدريس إلى العاصمة السعودية الرياض.
تزامن هذه الزيارات في هذا التوقيت تحديدا يمنح إشارة (خضراء) إلى الرؤية الجديدة في التعامل مع ملف العلاقات الخارجية وتحديدا على المحيط العربي ودول الشرق الأوسط.
تتزامن هذه الزيارات مع مجموعة من التحولات الإقليمية والعالمية التي تتطرأ على الساحة العالمية وعلى رأسها الإعتداء الإسرائيلي على دولة قطر.
دولة قطر لديها موقف (ثابت متجدد) في دعم السودان على مختلف الأصعدة وفي شتى المحافل الدولية وظل موقفها معلن وواضح للعيان غير قابل للمساومة أو التراجع.
الدوحة العاصمة الوحيدة التي أوفت بالتزاماتها الماليه تجاه إعادة إقليم دارفور بعد أن استضافت المفاوضات ما بين الحكومة السابقة بقيادة المشير عمر البشير وحركات الكفاح المسلح في دارفور الذي نتج عنه اتفاق الدوحة.
دولة قطر لاعب (أساسي) على مستوى المحيط العربي لا يمكن الاستغناء عنها وتحظي باحترام وتقدير دول الشرق الأوسط وتلعب أدوار مفصلية من خلال علاقاتها الخارجية.
وقفة السودان إلى جانب دولة قطر ضد الإعتداء الإسرائيلي موقف مبدئي وأخلاقي لأن قطر دولة ذات سيادة وحماية أمنها القومي واجب وطني وحق أصيل.
في سابقة تعد الأولى من نوعها أن يغادر البلاد (الرئيسين) رئيس مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء في زيارات خارجية وإلى عواصم دول عربية.
تعتبر هذه الزيارة الخارجية الثانية لرئيس مجلس الوزراء بعد أن زار دولة مصر عقب تقلده للمنصب ومباشرة مهامه.
لا شك أن العلاقات السودانية السعودية من أميز العلاقات وتعتبر الرياض من العواصم العربية التي تولي أمر السودان أهمية كبرى وذلك واضح من خلال الاهتمام المشترك.
هنالك حدود بحرية مشتركة ما بين الرياض والخرطوم وعلى ساحل البحر الأحمر ولا شك أن أهمية الساحل البحري السوداني السعودي من أهم المصادر الاقتصادية التي يجب الحفاظ عليها.
تأمين ساحل البحر الأحمر من الهموم المشتركة ما بين الخرطوم والرياض وتعتبر (قضية أمن قومي) فلا بد من تحديد رؤية أمنية مشتركة لكيفية إدارة الملف الأمني الهام.
يتوقع أن يكون هنالك دور عربي كبير في خلال الفترة المقبلة في كيفية التعاطي مع المشهد السياسي السودان ولم يتم ذلك إلا من خلال رؤية سياسية جديدة ومتوازنة في كيفية إيقاف نزيف الحرب في السودان.
استشعرت بعض العواصم العربية بخطورة تصاعد الأحداث في السودان التي رمت بظلال سالبة على المحيط الإقليمي والدولي ممايتطلب ذلك التفكير بشكل مختلف لمجريات الأحداث في السودان.
قضية السودان من أولى اهتمامات خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الملك محمد بن سلمان وذلك ظهر جليا خلال فترة الحرب وبذلت الرياض مجهودات (خرافية) لإحداث (إختراق) في ملف السودان وما زالت على العهد بل ضاعفت من جهدها.
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود صار (همه الشاغل) ملف السودان (ينام ويصحو عليه) وذلك إدراكا منه لأهمية السودان وشعبه.
لا شك أن زيارة رئيس مجلس الوزراء السوداني بروف كامل إدريس الى المملكة العربية السعودية لم تكن (زيارة عادية) الهدف منها (التحية والمجاملة) فقط لاو1000 لا ولكنها زيارة لها ما بعدها وستثبت ذلك مقبل الأيام.
تنوير الدول بمجريات الأحداث في السودان (يزيل الغبش) ويملك (الحقائق المجردة) ويخلق فرصا للنقاش الهادف وكم من (زيارة خاطفة) غيرت (مفاهيم خاطئة ظلت راسخة في الأذهان) فلذلك (غياب السودان خارجيا) يفتح الباب للأعداء في (تسميم الأجواء) والعمل ضد مصالح السودان.
ملف العلاقات الخارجية لا يقل أهمية من إدارة معركة الكرامة في ميدان القتال بل يتفوق عليه في بعض الحالات فلا بد من إدارته بطريقة صحيحة وعلمية حتى لا ينفذ العدو من هذه (الثغرة).
إنتهاج سياسة خارجية تنبني على (المصالح الإستراتيجية) بعيدا عن (العواطف) و(التكتيكات اللحظية) من شأنها أن تتقدم بهذا الملف إلى الأمام ولا بد من الاستفادة من التجارب السابقة سلبا كانت أم إيجابا حتى يتسنى لنا السير بخطي ثابته نحو الصدارة.



