
( 1 )
ما يجري في السودان ليس حربًا محلية فقط بل جزء من لعبة دولية وإقليمية معقدة تتقاطع فيها ملفات غزة ، وإيران ، والبحر الأحمر ، والقرن الإفريقي ، وليبيا وصولًا إلى ترتيبات التطبيع الإقليمي. كل ذلك يتقاطع مع تحركات أميركية – إماراتية فالرئيس الأميركي ترامب يحاول استغلالها إعلاميًا للعودة إلى الواجهة الدولية حتى لو كان الثمن صفقات “سلام هش” أو وقف إطلاق نار مؤقت يمنحه فرصة للظهور بمظهر رجل السلام.
( 2 )
تعود محاولة تقسيم السودان عبر ميليشيا الدعم السريع الارهابية تنفيذآ لاوامر بن زائد وسادته فالمليشيا فشلت عسكريآ في ابتلاع السودان وخسرت ” المشروع ” لذلك سعت إلى خلق واقع جديد على الأرض يقود إلى تقسيم فعلي للسودان بين مناطق يسيطر عليها الجيش واخري تخضع لنفوذ الميليشيا تزحف نحوها القوات المسلحة وكتائب الاسناد /هذا المخطط يجد دعمًا مباشرًا أو غير مباشر من بعض القوى الإقليمية التي ترى في إضعاف السودان وتقسيمه فرصة لتوسيع نفوذها وتحقيق مصالحها ولكن الجيش والمشتركة وكتائب الاسناد يمضون بقوة نحو صناعة التحرير الكامل معهم أمة كاملة وشعب عظيم.
( 3 )
خرجت المليشيا بالإعلان عما أسمته “تحالفًا مدنيًا انتقاليًا”، في خطوة مكشوفة الهدف منها إيجاد غطاء سياسي لمشروعها العسكري على الأرض. هذا التحالف، الذي جرى الترويج له إعلاميًا كبديل “مدني وعلماني”، ليس سوى واجهة سياسية لسلطة ميليشياوية تستند إلى السلاح والدعم الخارجي العابر للحدود، خصوصًا من الراعي الإقليمي الذي لم يعد دوره خافيًا.
( 4 )
اما الحقيقة فهي مشروع تقسيم جديد فإعلان الحكومة الموازية لا يمكن عزله عن إستراتيجية أوسع تهدف إلى خلق “إقليم مستقل فعليًا” في غرب السودان، يتم استخدامه لاحقًا كورقة تفاوضية أو قاعدة لمشروع سياسي أكبر. إنه أول تجلٍ علني لخيار التقسيم السياسي بأبعاده الكاملة، في سياق متطورات الحرب وفشل مشروع التمرد في السيطرة على الدولة المركزية.
( 5 )
ما يسميه حميدtي “تحالفًا مدنيًا” ليس أكثر من واجهة رخيصة لمشروع مليشياوي يستند إلى السلاح والدعم الخارجي. يحاول الرجل ” الميت ” المنهزم أن يقدم نفسه كقائد سياسي بديل، بينما الحقيقة أنه مجرد أداة في يد قوى إقليمية وغربية تبحث عن موطئ قدم في السودان وثرواته.
( 6 )
المقلق أن “الرباعية الدولية” وعلى رأسها الولايات المتحدة لم تُبدِ حتى الآن إرادة جادة للجم الدعم الخارجي لقوات التمرد، ولا مارست ضغطًا فعليًا لوقف الحرب أو تفكيك المنصات السياسية الموازية. هذا الصمت يُقرأ كقبول ضمني بتكرار سيناريوهات التقسيم التي عرفتها المنطقة، بما يشبه ما جرى في ليبيا بين سلطتين متوازيتين مدعومتين من قوى إقليمية متباينة.
( 7 )
الهدف واضح إضعاف السودان وتفكيكه، ليبقى رهينة بيد المليشيات والمرتزقة، تمامًا كما فعلت في ليبيا عبر حفتر، وكما حاولت في اليمن عبر أدواتها. هذه ليست صدفة، بل سياسة ممنهجة لخلق مناطق نفوذ على حساب دماء شعوبنا ،، ولا يمكن تجاهل الدور الخارجي من قبل الإمارات بدعم ميليشيا الدعم السريع، وتوفير الغطاء السياسي والمالي لها. هذا الدعم يشير الي ان هناك مشروعًا إقليميًا لإعادة إنتاج سيناريو الانفصال، بحيث يبقى السودان في حالة ضعف وتفكك تمنع قيام دولة قوية وموحدة.
( 8 )
الإمارات تواصل دورها المثير للجدل في السودان وليبيا (عبر حفتر) وتحاول استخدام أدواتها السياسية والمالية لتحييد مصر والسعودية ودفعهما إلى القبول بترتيبات إقليمية تُضعف الدولة السودانية وتُبقيها رهينة لميليشيات ومرتزقة فما يجري هو جزء من مشروع لتقاسم النفوذ والثروات في المنطقة.
( 9 )
المؤسف أن المجتمع الدولي يتغاضى عن هذه الحقائق وهاهي الرباعية الدولية تكرر خطاب “السلام وحقوق الإنسان”، لكنها تغض الطرف عن اقتصاد الحرب الذي يغذي المليشيا. الذهب السوداني المهرب معروف أين يذهب، والموانئ المستهدفة معروفة من يطمع فيها، لكن لا أحد يريد كبح هذا النزيف، لأن القوى الكبرى نفسها تستفيد من إعادة تدوير هذه الثروات عبر قنواتها المالية.
( 10 )
محاولات تقسيم السودان ليس مجرد سيناريو سياسي أو عسكري بل هي بالأساس مشروع اقتصادي قذر يهدف إلى نهب ثروات البلاد والسيطرة على ممراته الاستراتيجية وكل الخيوط تقود إلى أطماع واضحة في الذهب ، والموانئ والطرق التجارية، وهو ما يفسر الحماس المريب لقوى إقليمية وعلى رأسها الإمارات، لدعم حميدtي وميليشياته ولكن ….
( 11 )
لكن معركة الكرامة أثبتت للعالم أجمع قدرة السودانيين علي إنجاز عمل جسور ،، تضحيات لاتشبه اي شيء آخر بذلها رجال اقوياء هانت أرواحهم الطاهرة الزكية، ولم تهن مكانة الوطن في قلوبهم، فقهروا المستحيل وضربوا أروع صور البطولات السودانية التي سجلها التاريخ بحروف من نور لنحيا كراماً لقد تعلمنا في معركة ألكرامة أن الحق الذي يستند إلى القوة تعلو كلمته وينتصر في النهاية، وأن الشعب السوداني لا يفرط في أرضه وقادرٌ على حمايتها فلا الرباعية ولا غيرها ولا هذه ولاتلك.