الرأي والتحليل

وهج الفكرة.. د . أنس الماحي يكتب: رئيس وزراء السودان يخاطب العالم / إسقاط ورقة الحكومة الموازية واحراج للاتحاد الافريقي

قاد الدكتور كامل إدريس، رئيس وزراء السودان وفد بلاده إلى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وألقى كلمة السودان الرسمية من على منبر المنظمة الدولية ،، هذه اللحظة لم تكن مجرد إجراء بروتوكولي، بل حملت رسائل سياسية عميقة، أهمها أن المجتمع الدولي يتعامل مع حكومة السودان الحالية باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للدولة، لتُغلق بذلك أبواب الابتزاز السياسي الذي ظلّت أبوظبي وحلفاؤها يلوّحون به عبر إنشاء “حكومة موازية” ودعمها عسكريًا وسياسيًا.
إن مجرد منح الدكتور كامل إدريس حق إلقاء خطاب السودان يعني بحكم الأعراف الدبلوماسية اعترافاً أممياً ضمنياً بحكومته، وهو ما يسقط عمليًا ذرائع التجميد التي استند إليها الاتحاد الأفريقي لتعليق عضوية السودان / فالمقعد الذي حاول البعض الإيحاء بأنه “محجوز” لعبد الله حمدوك أو لتسوية سياسية قادمة، بات اليوم محسوماً لصالح حكومة شرعية برئاسة إدريس ،، لقد وُضع الاتحاد الأفريقي في موقف لا يحسد عليه إذ فقد أهم أوراقه التفاوضية، بعد أن منحته المنظمة الأممية إشارة واضحة إلى أن من يمثل الخرطوم هو رئيس وزرائها الحالي.
هذه المشاركة أغلقت عمليًا ملف “الحكومة الموازية” التي سعت أبوظبي إلى تسويقها، للضغط على الخرطوم فالمقعد الأممي لم يعد متاحًا إلا لحكومة السودان الرسمية وبات واضحًا أن رهانات حميدتي ومن يقف خلفه في الإمارات قد سقطت .. إن طموحات تشكيل سلطة بديلة أو فرض أمر واقع تهاوت أمام صورة إدريس وهو يلقي خطاب بلاده في أكبر منبر دولي، مدعومًا بقرار استراتيجي من القائد العام عبد الفتاح البرهان فاختيار البرهان إسناد رئاسة الوفد إلى كامل إدريس، رغم رغبة أمريكية معلنة في لقائه شخصيًا، يعكس حسابات دقيقة.
فمن ناحية أراد البرهان التأكيد للعالم على أن الخرطوم تملك حكومة مدنية كاملة الصلاحيات برئاسة شخصية دولية ذات سمعة راسخة ، ومن ناحية أخرى منح هذا القرار الوفد السوداني قوة تفاوضية ، إذ إن إدريس ليس مجرد رئيس وزراء؛ بل دبلوماسي مخضرم وخبير في القانون الدولي، قادر على مخاطبة العواصم الكبرى بلغة يفهمونها.
الوفد السوداني استغل هذه الفرصة الاستراتيجية لتسليط الضوء على جرائم مليشيا الدعم السريع المتمردة، بما في ذلك الاستعانة بمرتزقة أجانب، وهو ما وثقته تقارير رسمية ، كما حمل إدريس ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، مطالبًا بحشد الدعم الدولي لموقف الحكومة الشرعية في مواجهة العدوان على المدنيين والبنية التحتية، ومبينًا أن الخرطوم تخوض حربًا دفاعية عن الدولة ووحدتها.
سياسيًا، خرج السودان من هذه الزيارة بمكاسب واضحة لعل من اهمها تثبيت الشرعية الدولية للحكومة الحالية وإضعاف نفوذ الإمارات وحميدتي وإسقاط ورقة “الحكومة الموازية” هي من المكاسب العظيمة ، وإحراج الاتحاد الأفريقي ودفعه لإعادة النظر في قرار تجميد عضوية السودان ، هذا غير تعزيز الحضور الدبلوماسي عبر سلسلة لقاءات ثنائية مع قادة دول ومنظمات، ما يفتح آفاقًا لدعم اقتصادي وسياسي.
الرسالة التي خرجت من نيويورك لا تحتمل التأويل الحكومة الشرعية يقودها كامل إدريس، والأمم المتحدة تعترف بذلك واقعًا وقانونًا أما من ظل يراهن على فراغ مقعد السودان، أو على فرض “سلطة وهمية” فليستعد للانتخابات القادمة “ بعد أن تقررها حكومة السيادة والقيادة ورجالها الوطنيون” لقد انتهت لعبة الكراسي التي استثمرت فيها بعض العواصم الخليجية، وسقطت أوهام العودة عبر ضغوط أو صفقات خلف الأبواب المغلقة.
فبخطاب كامل إدريس من على منصة الأمم المتحدة، أُغلقت صفحة الابتزاز السياسي، وانتهت مغامرات من ظنّوا أن بإمكانهم تجاوز إرادة السودانيين ، إنها لحظة استثنائية فى تاريخ السودان يتم فيها تثبيت الشرعية، وتأكيد أن السودان، برغم الأزمات والحصار والمؤامرات، يملك قرار سيادته، ويستطيع أن يخاطب العالم بصوت واحد، مدني وشرعي لا عزاء فيه للمتربصين ولا مكان فيه للحكومات الوهمية.

هشام احمد المصطفي(ابوهيام ) رئيس التحرير

من أبرز المنصات الإلكترونية المخصصة لنقل الأخبار وتقديم المحتوى الإعلامي المتنوع والشامل. تهدف هذه المنصة إلى توفير الأخبار الدقيقة والموثوقة للقراء في جميع أنحاء العالم العربي من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة والأساليب المبتكرة في عرض الأخبار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى