
في وقتٍ آثر فيه كثيرون الصمت أو التبرير ارتفع صوت الصحفية السودانية الشجاعة يسرا الباقر على شاشة سكاي نيوز البريطانية لتوثّق أمام العالم جرائم مروّعة ارتكبتها ميليشيات الدعم السريع بحق النساء والأطفال في السودان.
شهادتها الصادقة جاءت كطَعنٍ في قلب الروايات المموّهة، ففضحت الانتهاكات التي حاولت بعض المنصات الإعلامية التغطية عليها أو إنكارها / جرائم يندى لها الجبين حيث سردت الباقر مشاهد قاسية عن اغتصاب جماعي ممنهج استُخدم كسلاح حرب لإذلال المدنيين، ومنها حادثة انتحار لفتيات في نهر النيل بعد أن تعرّضتا لاعتداء جماعي أمام ذويهما.
أكدت الباقر أن هذه الحوادث ليست استثناءً بل سياسة مرسومة لقوات معروفة بجرائمها منذ دارفور مدعومة بتمويل إماراتي يسعى لتمزيق السودان ونهب مقدّراته واتهمت الباقر علنًا قوى خارجية بدعم خارجي يفاقم المأساة على رأسها أبوظبي، بالتورط في تغذية هذا النزاع، بل والإسهام في محاولة فرض سيناريو “حكومة الأشباح” وتسويق مشروع الرباعية (الأميركي–الخليجي–المصري) تحت لافتة “السلام” / بينما تحاول منصات إماراتية مثل *ذا ناشيونال* إحياء “فزّاعة السيناريو الليبي” لتبرير تدخلاتها كانت الحقيقة أقوى من أي دعاية إذ جاءت من قلب المأساة السودانية نفسها.
إن ما يجري من قتل واغتصاب وترويع للمدنيين هو عدوان صريح ترفضه كل الشرائع السماوية. يقول الله تعالى: ﴿مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾ (المائدة: 32) ويحذّر النبي ﷺ من الظلم بقوله: «اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة» (رواه مسلم) ، كما جاء في الحديث: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره» (متفق عليه).
هذه النصوص القاطعة تجعل أي دعمٍ لمثل هذه الجرائم مشاركةً في وزرها، فالمعين على الإثم كفاعله وبينما ارتفعت محاولات التلميع الإعلامي من بعض المنابر الممولة اختارت سكاي نيوز البريطانية أن تفتح شاشتها لصوت سوداني حر لتؤكد أن الحقيقة لا تُحجب بالدعاية.
إن ما كشفته الباقر يبرهن أن “صراخ الممول” يرتفع كلما انهارت مخططاته في الميدان ،، وإن السودان ليس ساحة لتجارب سياسية أو لتصفية حسابات إقليمية. شعبه وجيشه الوطني قادران على حماية وحدته وكرامته ولن يُسمح لأي مشروع خارجي – مهما تعددت مسمياته – بتمزيق الأرض أو سرقة الموارد.
إن شهادة يسرا الباقر ليست مجرد تقرير إعلامي بل وثيقة إدانة أمام التاريخ. الواجب الإنساني والديني يقتضي محاسبة كل من ارتكب أو موّل أو برّر هذه الجرائم. وكما قال الله تعالى: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ (الشعراء: 227) وليعلم كل من دعم الظلم أن يد العدالة – وإن تأخرت – فإنها آتية وأن دماء الأبرياء لا تسقط بالتقادم.