الرأي والتحليل

الصفر البارد..جلال الدين محمد إبراهيم يكتب: دولة الذهب المفقود

في زمانٍ مضى، عندما كنا في المرحلة المتوسطة، درسنا مجموعة من كتب الأدب الإنجليزي (English Literature). وكان أكثر تلك الكتب التي رسخت في ذاكرتنا هي روايات الكاتب الشهير (H. Rider Haggard)، وعلى رأسها رواية “كنوز الملك سليمان” (King Solomon’s Mines) والرواية التابعة لها التي تحمل اسم بطل القصة الأساسي، وهي “آلان كواترمين ومدينة الذهب المفقودة” (Allan Quatermain and The Lost City of Gold).
واليوم، وأنا أكتب هذا المقال يوم الاثنين الموافق 13 أكتوبر 2025م، وصلني خبرٌ يفيد نصه أن هناك خلافاً حول قرار صادر عن اللجنة الاقتصادية للطوارئ، يفيد بأن يصدر الذهب السوداني فقط عبر بنك السودان! وان هنالك احتمال ان يفك امر الصادر للشركات وان لا يكون حصريا لبنك السودان (والله أتمنى أن يكون هذا الخبر كاذباً وغير صحيح)!!
وأمنيتي أن يكون الخبر غير صادق لسبب بسيط، هو أنه في حال صَدَقَ الخبر، فإن قرارات اللجنة الاقتصادية للطوارئ التي أصدرتها ووُقِّعت من قبل رئيس الوزراء كامل إدريس، تصبح بموجبه بلا جدوى!!
وفي حال لم تتمكن الحكومة من السيطرة على إنتاج وصادرات الذهب، فإن المؤشرات تسير بأن احتمالية ارتفاع سعر الدولار قد تصل إلى أكثر من 4500 جنيه. وإذا حدث ذلك، فهو انهيار ليس بعده انهيار، وهذا أكبر ضرر يصيب الشعب. ووقتها، شخصياً، سأطالب حكومة السيد كامل إدريس بالاستقالة العاجلة إذا لم تستطع التحكم في صادرات الذهب لصالح القيمة الاقتصادية للوطن والشعب.
وعموماً أقول: شخصياً لا يهمني من يكون محافظاً للبنك المركزي أو من لا يكون في موقع دستوري ، لكن يهمني أن يكون كل شخصٍ يستلم منصباً قيادياً أو دستورياً أن تكون جميع قراراته وتنفيذاته لصالح الشعب والدولة في المقام الأول. غير ذلك، فلا قيمة لأي شخص يستلم منصباً دستورياً ويكون مجرد “تابع”، أو يتحرك وينفذ قرارات وأجندات لصالح جهات محلية أو دولية. هذه النوعية مرفوضة من القيادات، ويجب محاربتها إعلامياً وإبعادها عن المناصب والمواقع القيادية للدولة.
ونعود إلى أصل رواية “مدينة الذهب المفقودة”، فهل نحتاج إلى بطل الرواية حتى يكتشف لنا مصيبتنا في انتاج وصادر الذهب ؟،، وقد كتبت في العام 2010 مقالاً طالبت فيه بإلغاء نظام التعدين الأهلي للذهب وإغلاق بابه ليصبح حكراً على الحكومة فقط. وسبحان الله، في تلك الفترة لم يكن أحد يستمع لكلمة الحق،
وها أنا اليوم أكرر هذا الطلب الآن لوزير المعادن وإلى رئيس الوزراء: إذا كانت حكومة الأمل تريد رفع الاقتصاد السوداني ورفع قيمة الجنيه السوداني أمام كافة العملات العالمية، ويهمها مصلحة الشعب السوداني، فإن إغلاق باب التعدين الأهلي ومنع تصدير الذهب إلا عبر بنك السودان المركزي هو مفتاح مولد السودان الجديد وانتعاش الاقتصاد!!
فهل تعلمون ماذا فعلت بوركينا فاسو (ورئيسها إبراهيم تراوري)؟ حيث منعت التعدين في الذهب إلا للحكومة فقط، فارتفع إنتاج الذهب إلى 200 طن في السنة خلال أول عام من القرار!! وارتفع اقتصاد بوركينا فاسو والناتج القومي بنسبة 650%. وانظروا إلى كل دول العالم، ليس فيها تعدين أهلي للذهب، فلماذا بلادنا فيها الفوضى والمحسوبيات والأنانية والعمل لصالح الأفراد وليس لصالح عموم الدولة والشعب!!
آخر المداد: (استقالة حكومة الأمل على المحك).
وإذا أضاعت حكومة الأمل فرصة التحكم في قرار إغلاق صادرات الذهب، فإنني أطالب السيد رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس أن يقدم استقالته، فهذا هو السبب الأكبر الذي يمكن أن يرفض فيه الشعب هذه الحكومة.
ألا هل بلغت… ألا هل بلغت… اللهم فاشهد.
فَسْتَذْكِرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ.

هشام احمد المصطفي(ابوهيام ) رئيس التحرير

من أبرز المنصات الإلكترونية المخصصة لنقل الأخبار وتقديم المحتوى الإعلامي المتنوع والشامل. تهدف هذه المنصة إلى توفير الأخبار الدقيقة والموثوقة للقراء في جميع أنحاء العالم العربي من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة والأساليب المبتكرة في عرض الأخبار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى