
الحرب التي تدور رحاها في بلادنا احدثت اضرارا بليغة و خلفت جراحات لا يمكن تجاوزها إلا بارادة وطنية قادرة علي تحويل الانتصارات العسكرية الى تراضي وطني يشفي الأنفس من الإحن و الأحقاد و يضفي المشروعية على مرحلة تأسيسية تضع أسس متينة لدولة مواطنة قومية ديمقراطية اتحادية مُتراض عليها من جميع حواضن شعب السودان .
شرعنة المرحلة التأسيسية بمؤتمر سلام محضور من شعب السودان الذي نصر جيشه الوطني التحاما معه في ميدان القتال و صوتا قويا في وجه أبواق العمالة أمر في غاية الأهمية للاتفاق على أجندة وطنية واضحة لإعادة بناء مؤسسات الدولة و رتق عري المجتمع.
ازالة آثار الحرب و إعادة بناء الدولة يحتاج لنظام سياسي متراض عليه، شرعيته مستمدة من إرادة الشعب يوجه بوصلته دستور انتقالي يسري على المؤسسات و الأفراد لذا يكون مؤتمر سلام السودان فريضة وطنية واجبة النفاذ للاتفاق على موجبات شرعنة النظام السياسي التأسيسي و هي :
1/ البناء الدستوري :
أ.الدستوري الانتقالي:
هبة شعب السودان عن بكرة أبيه مناصرة للقوات المسلحة ضد العدوان و التمرد جبت شرعية الوثيقة الدستورية و تفضلية حركات الكفاح المسلح إذ صار كل الشعب ارتالا للكفاح المسلح و أعطت تفويضا شعبيا واسعا للقوات المسلحة و بالتالي إجراء تعديلات على الوثيقة الدستورية بمعزل عن ممثلي هذا الشعب الكريم لن يعطي مسوغا دستوريا حقيقا لمؤسسات المرحلة التأسيسية يدحض ترهات أبواق العمالة التي تقدح في شرعية الدولة و مؤسساتها.
المرحلة التأسيسية طويلة الأجل تحتاج أرضية دستورية صلبة مقنعة، لذا الأوفق معالجة قضية تعديلات الوثيقة باجماع وطني و ربما التوافق على دستور مستوحاة من دساتير السودان الانتقالية يجيزه مؤتمر سلام السودان .
ب. المجلس التشريعي :
النظام البرلماني لا يكتمل هياكله و لا يستقيم أمره و لا تصح قراراته إلا بجهاز تشريعي مناط به اجازة الدستور، تعديله، سن القوانين، اجازةُ خطط الحكومة، اجازة تقارير أداء الوزارات، اختيار شاغلي المواقع السيادية، اختيار رئيس الوزراء و ممارسة الدور الرقابي على أداء الجهاز التنفيذي.
كانت علة المرحلة الانتقالية التي طالت و فشلت غياب مجلس تشريعي معبر عن إرادة شعب السودان و بالتالي لا بد من منح الشعب الذي كان عدة و عتاد الجيش في معركة الكرامةً حقه كاملا في الشراكة السياسية و الرقابةُ علي مؤسسات المرحلةُ التأسيسية بالتوافق على مجلس تشريعي ممثل لكل قطاعات الشعب يتمتع بالصلاحيات و السلطات الممنوحة للمجالس النيابية في النظم البرلمانية.
2/الإصلاحُ المؤسسي :
دون إصلاح مؤسسي راسخ متين لن تتعافي أجهزة الدولة السودانية من آثار هذة الحرب المدمرة لذا لا بد من إنهاء ثقافة محاصصة وظائف الدولة بإرساء قواعد الأهلية المهنية التي تساوي بين المواطنين التزاما صارما بمعايير الخدمة العامة و الانتقال إلى دولةُ المؤسسات القائمة على الكفاءة، الفعالية، النزاهة، الاحترافية، الاستقلالية،التنافسية، الشفافية و الاستجابة.
البناء المؤسسي يقتضي أيضاً إعادة هيكلة أجهزة الدولةُ، مراجعة المهام و الاختصاصات، مراجعة قانون الخدمة المدنية، إنهاء تخصيص نسب لولايات دون أخرى و التدقيق في اختيار شاغلي الوظائف الحكومية في المركز و الولايات على الأساس المتطلب العلمي و المعرفي لرفد الدولةُ بافضل الكفاءات الخبرات ممن مازجوا العلم بالخبرة العملية دون تصنيف و إقصاء.
العدالة الانتقالية
دولة ما بعد الحرب يجب ان تكون قادرة على الاستجابة لمتطلبات إنهاء جميع أشكال العنف السياسي و إعلاء ثقافة الحوار و التعايش بين كل مكونات شعب السودان.
لإظهار مدى جدية الدولةُ في تعزيز العدالةً الانتقالية مطلوب من مؤتمر سلامُ السودان تفويض لجنة قانونية بسلطات و صلاحيات واسعة برئاسة خبير قانوني ذو مصداقية عالية لتقصي حقيقة هذة الحرب المدمرة لمعرفة مشعليها و محاكمة مجرميها و رد الاعتبار المعنوي و العدلي والإنساني لضحايا الحروب، تمكينهم من حياة آمنة كريمة، و تحقيق عدالة انتقالية منصفة .
العدالة الناجزة تحقق بمحاكمة مجرمي الحرب و ردع كل مجرم و من ثم العمل علي تجفيف الصراعات بخلق بيئة حاضنة للسلام بإقامة قرى نموذجية مع توفير كافة المرافق الخدمية، ووسائل و مدخلات الإنتاج و الأجهزة الأمنية و العدلية تحفز النازحين للعودة و الاستقرار.