الرأي والتحليل

شؤون وشجون.. الطيب قسم السيد يكتب: حديث الكرامة

الإصلاح والتعمير.. للاستوزار معايير
ونقولها من جديد.. ونعزز ما مضى من قولنا ونزيد.. أنه مع اطراد التقدم الميداني المتسارع على جبهات القتال كافة وتتابع بشائر النصر النهائي الذي تبين مؤشراته و تتبدى دلالاته جاهرة للعيان.. ومع اشتداد ضراوة صمود فاشر السلطان العصية، واقتراب ساعة النصر النهائي الكامل الذي ستنطلق بتمامه بإذن الله، معركة الكرامة (الثانية)، وهي ملحمة البناء وإعادة الإعمار، يدخل السودان دولة وشعبا، تحديا مصيريا تاريخيا موازي، لمعركة الميدان التي تستمر على الأرض، حتى تخوم دارفور وحدودنا مع دول الجوار العاق المتواطئ جهرا مع عصابة القتل والنهب والإرهاب- الدعم السريع- المتمردة على قانون الجيش ودستور البلاد.
لتصبح ملحمة الاعمار وإعادة البناء، الاختبار الحقيقي القادم، لما يميز شعبنا ودولتنا من قيم الثبات و الإقدام والصمود والمثابرة والإيمان الراسخ بالله والانحياز القاطع، لما يعلى شأن الوطن. ويجانب الذاتية ومغبات العنصرية والجهوية، والمصالح الحزبية والشخصية والفئوية الضيقة. ويزيل عن كاهلنا كل اخفاقات التشظي والتناحر، وتداعيات ألمحاصصات والمجاملات وتأثيرات العواطف والانطباعات المحدودة الساذجة الخاسرة.
هكذا أيها الكرام يتمحور تطلع، السودانين الحادبين على مصير دولتهم، ومستقبل أجيالهم اللاحقة وقد اقعدت بلدهم، لما قارب السبعة عقود ويلات التناحر والتشظي الذي لازم فترات الحكم المتعاقبة منذ استقلال السودان في يناير من العام 1956م.
عليه فإن مرحلة مابعد الحسم، وهي مرحلة البناء وإعادة الإعمار التي تشكل تحديا مصيريا خطيرا لوطننا، لا بد أن تحشد لها كل قوى دولتنا الشاملة عسكرية وأمنية.. اجتماعية اقتصادية وسياسية.. علمية وإعلامية.. ليصبح كل جهد فكري وميداني وتعبووي مصوبا، نحو غاية واحدة هي بناء سودان آمن مستقر متقدم ومتطور.. متجاوز لكل ما خلفته الحرب التي فرضت عليه.. دولة وجيشا شعبا، ومؤسسات.
فالمطلوب هو مراعاة توفر المزيد من القيم، والاستعداد الفطري والمكتسب، في من يتم تقديمهم لتولي أعباء المرحلة التاريخية المطلة التي ينبغي أن يتولى أخيار الأخيار خلالها رسم إستراتيجية البناء وإعادة الإعمار، في وطن فاقمت الحرب اللعينة ما يعانيه قبلا، من قعود، رغم موارده الطبيعية والبشرية الجمة وما يتميز به من إستراتيجية في الموقع، وخصوصية في البنية، الاجتماعية والثقافية التي شكلها البعدان العربي الأفريقي، اللذان يميزاه.
عليه فإن مهام وواجبات حكومة ما بعد الحسم ينبغي أن تختار لها بدقة وعناية، الكفاءات والخبرات المستقلة غير الحزبية.. على أن يكون رئيسها ومن يختارهم من وزراء، بعد تعينه واسناد الأمر له، من ذوي الإيمان الراسخ والقاطع أن السودان وطن يسع الجميع.
و أن يكون صناع ومتخذو القرار فيه، من المعول على قدراتهم الأكاديمية والمهنية والقيمية والذاتية في سبر أغوار المشكل السوداني المتطاول منذ استقلال البلاد.. ومن الرجال والنساء الموثوق في مبادراتهم.. المشهود
بقابليتهم لفتح آفاق للعمل على صعد البناء الداخلي، والتواصل العربي والأفريقي المشترك، والانفتاح الدولي القائم على احترام السيادة، وتبادل المصالح والمنافع، في سبيل انعاش الاقتصاد الوطني وبناء منظومة عسكرية أمنية مواكبة ومتطورة، اهتداءا بما أظهره جيش السودان ومن ساندوه وقاتلوا معه، من تجربة وحكمة وقدرة ادهشت العالم.. وأحبطت نوايا المدبرين، و محقت دعم المساندين، وخيانة وندالة باعة الضمائر والذمم من بني الجلدة المرجفين.
إذ لا بد أن يكون وزراء الحكومة المرتجاة تلك من الحائزين على القبول الواسع، بين فئات وشرائح المجتمع الواعية ومكوناته الرشيدة المتعددة، ممن تتوفر عندهم الرؤية الكلية لدور الجميع واسهامهم دون حجر او إقصاء إلا لمن ظلم وخان وغدر.. لمجابهة التحديات والمخاطر والمهددات التي تواجه البلاد. على أن يكون خدام شعبنا القادمون، من المشهود لهم بالنزاهة والصدقية والموضوعية ومن المعروفين بالزهد في ما يصب في خانة الاطماع الذاتية و(المظهرية).. وممن يرسخ في قيمهم الصدق والإيمان وطاعة الله و التعبير عن آلام وآمال من وثقوا في اهليتهم وباركوا ترشيحهم.. وأن يراعوا أن السودان بلد متميز في جغرافيته موقعاً وحدوداً مناخاً بيئة وموارد.. وإن رواده الوطنين نجحوا في وضع إستراتيجية تحريره، ولكنهم اخفقوا أو كادوا.. في وضع إستراتيجية تعميره وهذا برأينا، هو سر قعوده الاقتصادي رغم ما نقر به من اشراقات ومبادرات وقفزات في بعض الفترات.
فالنهضة الاقتصادية الكلية للوطن لا تتحقق إلا بوضع إستراتيجية شاملة واضحة قابلة للتنفيذ.. توازن بين الرغبات والحاجات على أن يظل السلام المستدام، الأرضية المعينة والمساعدة لها، على بناء وطن ٱمن مستقر متقدم ومتطور.
وعليهم.. وأعني الوزراء القادمين، إدراك أن دور المؤسسات العلمية والبحثية، واسهام علماء البلاد وخبرائها، أساسي في تصميم مشروعات التنمية والنهضة الشاملة.
وهو ما يقتضي تسليمهم وقناعتهم أن حل الأزمة الراهنة والأزمات المحتملة للوطن المحدقة بالوطن لا يتحقق إلا بوحدة الصف وتكامل وتلاقح رؤى القوى السودانية السياسية والمجتمعية والفئوية كافة.
ثم أن العلاقات الثنائية، والإقليمية، والدولية ينبغي أن تقوم على المصالح والمنافع المشتركة بعيداً عن الإملاءات والتدخل في ما يمس سيادة البلاد ويخدش كرامة شعبها .
مع التأكيد على أن الفصل بين السياسة والمهنية، هو ما يجنب البلاد والناس مغبات الإقصاء والعزل التعسفي الذي يشرد الكفاءات والكوادر الوطنية وقد ظل هذا الداء يتكرر مع كل تغيير سياسي تشهده البلاد.
فعلينا أيها الكرام، تعزيز نبرة المناداة بالتوافق مع من يستحقون، على دستور دائم للبلاد يستلهم قيم وأعراف وعادات وتقاليد مجتمعاتها، باعتباره المرجعية التي تنطلق وفقها البرامج والمشروعات لخلاص البلاد من جميع أزماتها.
مع ضرورة العمل على تأسيس دور جوهري لإعلام وطني مرعي من قبل الدولة، محمي بقوانين وهياكل وتجارب مواكبة تمكنه من لعب دور مؤثر لدفع البلاد، لتجاوز الأزمات وبناء نهضة شاملة للوطن، وهو ما يستوجب عناية الدولة واهتمامها بمؤسساته وكوادره، وتوفير الدعم والتمويل الكافي لمطلومات تحسين محتواه وأداء رسالته على الوجه الأكمل المطلوب.
والله من وراء القصد
الاثنين3/مارس/2025

هشام احمد المصطفي(ابوهيام ) رئيس التحرير

من أبرز المنصات الإلكترونية المخصصة لنقل الأخبار وتقديم المحتوى الإعلامي المتنوع والشامل. تهدف هذه المنصة إلى توفير الأخبار الدقيقة والموثوقة للقراء في جميع أنحاء العالم العربي من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة والأساليب المبتكرة في عرض الأخبار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى