
من بواعث تاكيد العمق والأزلية، الذين يميزان العلاقة السودانية المصرية الممتدة على مر فترات الحكم في البلدين الشقيقين،،ذلكم الانفعال الايجابي للاعلام في السودان ومصر، بالمواقف والمبادرات الرسمية والمدنية التي، تصدر مراراً على المستوين الرسمي والأهلي في البلدين. اهتماماً واحتفاءً بكل مايصب في خانة تعزيز علاقة البلدين والشعبين الشقيقين.
وأشهد أنا شخصياً من خلال ما اتيح لي من مجال مقرب لهذا الملف، من خلال تكليفي بمهام المدير المناوب لإذاعة وادي النيل بين مصر والسودان في الفترة الممتدة من العام2009-2019. وهي اطول فترة قضاها مدير مناوب سوداني، في هذا الموقع، الذي سبقني إليه عمالقة الإذاعين السودانيين، بدءًا بالأستاذ الشاعر سيف الدين الدسوقي، الذي كان اولهم والأستاذ أحمد سليمان ضو البيت، والأستاذ أحمد عبد المجيد، والأستاذ ذوالنون بشري، ثم الدكتور الفاتح الفاضل رحم الله من رحل منهم واطال عمر من هم بيننا.
فقد كلفت باعباء هذا المنصب بعد فترة الدكتور الفاتح الفاضل، في مايو من العام 2008.م وظللت مداوما علي شغله حتى العام 2019.م
وكانت الأستاذة ثريا حشيش، أول مدير عام زاملته من الجانب المصري، فيما كان الأستاذ علي سلمي آخر من زاملت من الجانب المصري. وكان فؤاد عمر آخر مدير لإذاعة ركن السودان واول مدير لاذاعة وادي النيل عند بداية تشغيلها في أول يناير من العام 1984م.تلاه أيهاب الأزهري، الذي تلاه على التوالي، فاروق الجوهري، وعادل الزهيري، ومنتصر سالم، وثريا حشيش، وسالوناز سيد، وصبري الحاج عطية وسعيد سالم، وعلي سلمي ثم حسني صادق المدير العام الحالي.
اقول قولي هذا، وأنا اتابع اهتماماً منصفًا للإعلام السوداني هذه الأيام بالمواقف المصرية المشرفة، التي تدلل بوضوح وتعكس بانصاف، مدى التلاحم الأذلي التلقائي المستمر بين الدولتين والشعبين الشقيقين.و تجسد الرد السوداني الحصيف للجميل والمعروف المصري، الذي تؤشر إليه بل و تؤكده ،فعاليات.(شكرا مصر)(شكرا السيسي)التي تنظمها رابطة الشعوب، بالتعاون مع السفارة المصرية بالسودان،،كتعبير صادق عن تقدير دولة وشعب السودان، لما قدمته مصر حكومة وشعبا للسودان واهله، وبلادنا تمر بظرف أمني وإنساني دقيق فرضته الحرب المدبرة المدمرة التي فرضت علي السودان، واستهدفت امنه واستقراره، موارده وهويته.
والحقيقة أن الواقع الذي يميز هذه العلاقة، التاريخية المميزة، يتجاوز بمدى بعيد حدود الفعاليات والتظاهرات الرمزية، التي تنشط مع كل مظهر لهذا الرباط الممتد، يبرز في أي زمان وكان.
فالذي يحكم العلاقة بين البلدين إرث ممتد مشت به الاجيال الرائدة في البلدين في مجالات عديده دونها التاريخ وتحفظها صدور وعقول وقلوب من عاصرها من الاجيال في كلا البلدين الشقيقين.
فالذي بين مصر والسودان ايها الكرام، تجارب ومواقف ومبادرات تتقاصر مثل هذه المساحة الصحفية المحدودة، أمام الخوض في فصولها، وسبر اغوارها فعلاقة البلدين، ليست تحالفاً ثنائياً تكاملياً إستراتيجياً فقط، كما تنص العديد من الاتفاقيات والبرتكولات الراتبة وتلك التي تحد في اوقات الازمات، أو على هامش القمم والنؤتمرات، بل هي رباط حسي ومعنوي تجسده صلة الدم و والرحم والأرض والنيل والتاريخ والحضارة المشتركة والفطرة التي نشأت عليها وترعرعت الاجيال المتعاقبة من صلب الشعب الواحد الذي يقطن دولتين. ذلك ان العلاقة السودانية المصرية اذلية واستراتيجية، لا تتأثر بالمواقف الطارئة، وما تثيره بعض الوسائط الإعلامية حولها.
وهي الحقيقة التي تتصدر على الدوام ديباجات البيانات الختامية، والإعلانات التي تصدر عن القمم الثنائية، واعمال اللجان الفنية العليا المشتركة والمنبثقة، على امتداد التواصل الرسمي والمدني الذي يجمع القيادة والمسؤولين في البلدين..
وهو في ذات الوقت ما يتطلع شعب وادي النيل في مصر والسودان إلى أن يتجاوز البلدان والشعبان به، حدود المجاملات الدبلوماسية والفعاليات، الاحتفائية الكلاسيكية. إلى مبادرات ومشروعات حية مشتركة، تمازج بين رغبات شعب الوادي العظيم وحاجاته، تتكامل فيها القدرة والخبرة، مع الخصائص و المعارف والموارد وتكون الغاية وادي غال عزيز ناهض متقدم ومتطور.
وعلى مدي ليس بالقصير ظل المسئولون في البلدين يؤكدون وعلي امتداد الفترات السياسية المتعاقبة في البلدين، ان قضية حلايب لن تكون سبباً في عرقلة مسار العلاقة بين البلدين والتي يحسب الطرفان لها الف حساب، في ظل التكتلات الإقليمية والدولية، وعلى مستوى محيط الجوار الأفريقي خصوصاً فيما يلي قضية المياه وما ينشر في إطارها من تباين في المواقف، بين دول المنبع ودولتي الممر والمصب، السودان ومصر، وما يفرضه إنشاء سد النهضة الأثيوبي الذي أعلن وزير الاعلام الأثيوبي، مؤخرا أن العمل فيه فاق ال85/ من جملة الإنشاءات البنيوية والهندسية، والإنتاجية.
وفي كل الأحوال تصبح قضية حلايب التي يقول بعض المحللين، إن مصر تستخدمها كرتا كلما تجددت القضية الأساسية المقلقة دوما لها، اي الجارة مصر، وهي مسألة مياه النيل.وما يحكمها من اتفاقيات وما يعتريها من تأزم يكون مصدره في كثير من الأحيان،، مواقف دول المنبع التي لا تخلو هي الأخرى من ملمح المساومة وممارسة الضغوط على دولة المصب التي تحتاج تنسيقاً مع شقيقتها دولة الممر جمهورية السودان.
إن المطلوب من قطبي وادي النيل السودان ومصر وفق ما نسمع وبردده المسؤولون فيهما من تصريحات تؤكد في معظم الأحيان ازلية العلاقة وحتمية العمل المشترك المتواصل على جعلها في مستوى طموح الشعبين، مايتطلب سعيا جادا ،وجهدا عمليا فاعلا، لجعلها مدخلا للمزيد من التواصل والتعاون بين البلدين والشعبين الشقيقين.
إننا نتطلع إلى أن تجد قضية حلايب التي يتجدد الخلاف الإعلامي حولها، الاهتمام المناسب من قيادة البلدين وفق رؤية واقعية خصوصا أن الخرائط التي يجري عرضها في الإعلام العربي وحتى الأوربي أكدت تبعية حلايب المطلقة للأراضي السودانية. الأمر الذي ينبغي أن يوضع في الاعتبار، أمام أي من اللجان المشتركة فنية وزارية أو رئاسية.
ان المواقف والتجارب التي تربط الشعبين منذ أمد بعيد والاستعداد الدائم لديهما لحسم كل ما يشوب العلاقة بينهما، يضعهما في موقف يدفعنا، للتطلع إلى رؤية عملية واضحة، لوضع حد للجدل الذي يتجدد في الكثير من الأحيان حول تبعية حلايب المحسومة تاريخا، وجغرافية، وقانونا، للسودان.
وهو أمر يتطلب حكمة وموضوعية على المستويات كافة التي تطرح على تدرجاتها المتعددة، قضية حلايب بل إننا نثق في ان يقدم البلدان الشقيقان عبر مسالة حلايب، أنموذجاً للبلاد الأخرى على الصعد كافة، في حل الأزمات والنزاعات الحدودية وغيرها، التى تنشأ أحيانا بين الدول المتجاورة. والله من وراء القصد