
في ظل هذا الواقع القاسي والظروف المعقدة التي تحيط بكرتنا الوطنية، لن يجرؤ أي مدرب أجنبي عاقل على قبول تدريب منتخبنا الوطني.. لكن المدرب الغاني كواسي أبياه خاض التحدي بإيمان وقناعة، لم تغره الوعود، ولم تُثنه العراقيل. جاء ليصنع الفرق، لا ليبحث عن الرفاهية.. ورغم أنه وجد نفسه وسط بيئة تفتقر إلى أبسط مقومات العمل الاحترافي، إلا أنه تمسّك بمهمته بكل شجاعة. كان بإمكانه، بكل بساطة، أن يقدّم استقالته ويغادر غير آسف، لكنه اختار البقاء عن حبّ وإخلاص لهذا البلد وشعبه.
كواسي تلقّى عروضاً من اتحادات ودول أخرى، بل وحتى من منتخب غانا نفسه، غير أنه رفضها، مفضّلاً الاستمرار مع منتخبنا الوطني. أُجبر على الاستقالة من الاتحاد الغاني فقط لأنه رفض تركنا!
ومع كل هذا الوفاء، يُقابل الرجل اليوم بالجحود والتجاهل من بعض من يفترض أنهم شركاؤه في النجاح.
إنجازاته لا تحتاج إلى تبرير أو تلميع: هو من قاد منتخبنا للتأهل إلى نهائيات الشان والكان، وحقق نتائج حقيقية في تصفيات كأس العالم 2026، واليوم يقف على بُعد خطوة واحدة فقط من بلوغ نهائيات كأس العرب عبر مواجهة لبنان.
لكن خلف الكواليس… هناك أمور غامضة ومقلقة.. يبدو أن كواسي يعاني الأمرّين في الحصول على مستحقاته المالية ومستحقات طاقمه الفني. ومع ذلك، لم يتوقف يوماً عن العمل، ولم يتمرد أو يهدد. رجل يُقاتل بصمت من أجل شرف المهمة، بينما آخرون يتفرجون أو يعرقلون.
أسعدني كثيراً حضوره إلى مدينة كسلا، وإشرافه الميداني على تدريبات المنتخب الرديف، في محاولة جادة لاكتشاف عناصر جديدة تبث الدماء في شرايين منتخبنا. هذه الروح وحدها كافية لأن تُحترم وتُقدّر.
ولذا، نحذّر — وبكل وضوح — من العبث بملف المنتخب ومدربه.
من يطالبون بإبعاد كواسي أبياه يلعبون بالنار، وسيدفعون الثمن باهظاً.
لقد خسرنا فلوران في الهلال بسبب مؤامرات الحاقدين والمتربصين، فهل نعيد الخطأ نفسه مع كواسي؟
ليس في كل مرة تسلم الجرة..



