الرأي والتحليل

محمد طلب يكتب: (زول صعب وشاكااال)

العنوان أعلاه قول سوداني يجري على الألسن بدون دقة و وضوح تام و ربما جرى على الألسن اصطلاحاً أو غيره.
تقودني هذه المقدمة إلى أغنية الفنان المرحوم عبد الكريم الكابلي وهي تراثية مما نظمه الحاردلو في إبن عمه عمارة رمز الشكرية البارز.. بعد أن استشفع له لدى الخليفة عبد الله الذي كان قد حكم على (عمارة) بالإعدام وبعد أن قبل الخليفة استرحام الحاردلو قال بعض الحاضرين ومن هو عمارة !!؟؟ لا تستغرب (أنت في السودان)
فرد عليه الحاردلو بهذه الأبيات:-
إن أداك وكتّر ما بقول أديت
أب درق الموشّح كلو بالسوميت
أب رسوه الـ بكُر حجّر ورود “سيتيت”
كاتال في الخلا..وعُقباً كريم في البيت..!
وما يهمني هنا (كاتال) وهي من صيغ المبالغة تشبه (شاكال) و كلاهما لا تصبح من المدح ما لم يلحق بها ما يفيد ذلك و قد أجاد الحاردلو حينما أردف (و عقباً كريم في البيت) لأن (الكِتال) قد يكون في الحق أو من أجل الباطل و (علينا التمييز).
هل عرفتم المعنى المراد في السودان عندما يقولون فلان (صعب وشاكال) هي جملة ناقصة ربما لا نريد إكمالها (لشيئ في نفس يعقوب).
وضح لي بما لا يدع مجالا للشك أننا شعب مجامل لدرجة (متحامل) وهذا ما جلب لنا كثير من المهالك.
لقد حذفنا مفردة (الحق) و أتينا بالجملة ناقصة لأننا استحينا من أنفسنا و اصل الجملة زول (صعب و شاكال في الحق) و لا يقبل الغلط ويعمل جاهداً على تصحيحه وهكذا كان الراحل بروف جعفر ابنعوف (الزول الحقاني السمح).
نقلت لنا الوسائط الأسبوع الماضي رحيل البروف جعفر ابنعوف بمدينة أبوظبي في يوم الجمعة وحسب وجودي لربع قرن بالامارات فإن من يتوفاه الله في يوم الجمعة هناك سوف يصلي عليه عشرات المئات مسلمين من كل أنحاء العالم و الجنسيات المختلفة ويدعون له بالبركة وأحسب أن ذلك قد حدث مع هذا الرجل القامة رحمه الله رحمة واسعة وادخله الجنة و(حسناتو يوقنو) فقد رحل في يوم كريم أول جمعة في شهر رمضان المبارك.
البروفيسور جعفر ابنعوف استشاري طب الأطفال والخبير الدولي بمنظمة الصحة العالمية يُعد الراحل الأب الروحي لطب الأطفال في السودان ومؤسس مستشفى جعفر ابنعوف المرجعي للأطفال في الخرطوم، كما أسهم في إنشاء العديد من المستشفيات والمراكز الصحية المتخصصة وأقسام طب الأطفال.
طالعتنا الميديا بكثير من البوستات عن هذا الرجل (المجاهد) نصير الضعفاء والمساكين وأصحاب الحاجة و طالعنا مجاهداته من قبل والصراع الذي كان قائما في أيام (الإنقاذ) حول المستشفى الذي جاهد جهاداً قوياً و(كاتل كتال) المنطق والحجج السليمة كي يقوم ويكون العلاج به مجاني.
وكل السودان يعلم تلك الحكايات ومجاهدات الرجل رحمه الله ومتعه بالجنة.. و أنا ليس في مقام من يكتب عن البروف الراحل و لكن استوقفتني عبارة (شاكال) التي مررت عليها في أكثر من بوست وأشهرها جملة الدكتور كمال عبد القادر وخطابه اللطيف الذي ضمنه (سبع شينات) في وصف المرحوم في تكريمه فقال (شاء) شائب.. شاطر.. شجاع.. شبعان.. شفيف و الشين الأخيرة تتعلق بالقبيلة وما لم أذكرها هي (شاكال) لأنها ناقصة.. وهو حقاً رحمه الله (شاكال في الغلط وعقباً حكيم فيما سواه).
ترك الرجل سيرة ذاخرة بالنضال ناصعة بالحق والخير والجمال.. نسأل الله له الرحمة والمغفرة.
وبلادنا في القتال وكل يوم يرحل جميل بالسودان ومن لم يمت بالبنادق (تكتلوا المغصة) ولا نملك إلا طلب الرحمة للأحياء وموتانا و(الجاتنا تختانا).

هشام احمد المصطفي(ابوهيام ) رئيس التحرير

من أبرز المنصات الإلكترونية المخصصة لنقل الأخبار وتقديم المحتوى الإعلامي المتنوع والشامل. تهدف هذه المنصة إلى توفير الأخبار الدقيقة والموثوقة للقراء في جميع أنحاء العالم العربي من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة والأساليب المبتكرة في عرض الأخبار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى