
سنوات طويلة اختفت (الصور الشعبية) و التراثية والفلكلورية من تلفزيون السودان القومي (افريقياً وعربياً) ساحلاً بحرياً ونيلياً وغابة وصحراء بعد ان تمت الهيمنة الجهادية علي كل الاجهزة الاعلامية و اهازيج الاحتراب المختلطة بايقاعات الحماس وقشور دلوكة الدين الخشنة العريضة …..
الي ان وصل بنا الامر خلال تقلبات الثلاثون من السنوات العجاف ابتداءً من (امريكيا روسيا قد دنا عذابها) الي ان ظهر امير المؤمنين ( البشير) ذليلاً ينحني (لبوتن) الرئيس الروسي طالباً منه الوقوف معه و(إنقاذه) من الامريكان (الليهم تدربنا) وبذات المستوي إنتقلنا من اغاني الجهاد بعد الانفصال الي برامج خلاعة الاغنيات والامنيات وعشنا زمن القونات و (نجومية المغارز) اما اليوم في هذه الحرب(العبثية) الدائرة الان اجتمع (المنحوس علي خائب الرجاء …والتلفزيون وكل الوسائط تجمع بين (هذي وتلك) نجوم القونات مع السادة المجاهدين المهللين المكبرين مع بنات الجبجبة المغنيات الراقصات …
ما هذا (الخمج) ؟؟….
عموماً (دا ما موضوعنا)
لكني ابكي علي حال تلفزيون السودان وكل الوسائط قبل السودان نفسه لان الاعلام وسوء ادارته رغم التنوع المهول الجميل هو من ضمن الاسباب التي قادتنا الي ما نحن عليه الان من حرب وقتال غير مبرر اكمل بالتمام السنتين ويزحف نحو الثالثة وموعود بالرابعة ..
اليوم هو اخر خميس في شهر رمضان والذي عرفناه في السودان السابق بيوم (الرحمتات) ولا رحمة تلوح في بلد (الخبث والريبة)
يوم (الرحمتات) كان من الايام الطيبة في حياة اهل السودان ربما يتذكره الناس ويكتبون عنه لكني سوف اكتب بطريقة مختلفة و أمر لم انتبه له البتة من قبل الا في هذه الحرب وهو الظلم الفظيع والسخرية التي تتعرض لها (ست الدوكة) في بلادي سلماً وحرباً..
تشهد الوسائط الاعلامية حديثاً مكثفاً من جنرالات الحرب و من معهم عن الانتهاكات والاغتصابات ويركزون علي الاخيرة لكن بلا أي إطروحات للحلول لهذه الحالات او إنقاذهن مما وقع عليهن لم ولن اشهد من يقدم أطروحات او محاولات لمساعدتهن واقصي ما يقومون به هو استغلالهن اعلامياً لمكاسب سياسية …
انهن (ستات الدوكة ) الكريمات رمزية بيوت الرحمة والإطعام ..
قد لا يعرف شباب اليوم والجيل الذي تربي في الانقاذ (الرحمتات) و توقيتها و(جمعتها اليتيمة) لانه عاش (يتيماً) في ظل اعلام لا يعرف (الصور الشعبية) المرتبطة بالاديان والعادات والتقاليد رحم الله الباحث (الطيب محمد الطيب ) معد ومقدم البرنامج الاشهر بتلفزيون السودان (صور شعبية)الذي كان ( زمن الزمن زين والشعر مغطي الاضنين) كما تقول (الحبوبات) ولم يترك ارثاً شعبياً إلا وقتله بحثاً من الرحمتات الي المريسة وما بينهما رحمه الله الكان داكا سيدب لقد فقدنا الباحثين في هذا المجال في زمن الدرجات العلمية الرفيعة المتخصصة في الدماء من (حيض و نفاس) اما دماء الحروب فيزيدون نار اشتعالها و لا (صور شعبية) جميلة تكحل العيون بمراويد المحبة
(ست الدوكة) و اهازيج (الرحمتات) لم انتبه لما تحمله من سخرية واستهتار بست البيت السودانية ومدي احتقارها في الثقافة السودانية
تعالوا معي لبعض من الاهزوجة وهل ما ورد بها هو مجرد كلمات تهديد ساخر للمرح ام هي من ثقافتنا
*قشاية قشاية ست الدوكة نساية*
*كبريتة كبريتة ست الدوكة عفريتة*
*ليمونة ليمونة ست الدوكة مجنونة*
تخيلوا معي كل هذه الاوصاف الزهايمرية الجنونية العفريتية ل (ست الدوكة) التي ينتظر منها اخراج طعام الاطفال واليتامي وعشاء المساكين والتوسعة ..فهي لم و لن تنسي و لم تجن او تتعفرت علي اطفال تلك الايام والصبية تخرج لهم بابتسامة ندية وعرق الدوكة يبلل ثوبها وهي صائمة…
لكن تعغرتت عليها الحرب اللعينة والملشيات افقدت (ست الدوكة) عقلها وشرفها و طردوها من (دوكتها) و بلدها و فقدنا (الرحمتات ) وبهاء السودانيات فهل من عودة هل؟؟