الرأي والتحليل

يس إبراهيم الترابي يكتب: وضعا بصمتهما ووجبت محبتهما.. أفتقدنا رجلين عظيمين وحكيمين في أعمال كنترول وتصحيح امتحانات الشهادة الثانوية للدفعة المؤجلة 2023م الاستثنائية

أذكر أنه في خواتيم العام ٢٠٠١م وبدايات العام ٢٠٠٢م وأنا لم أبلغ نصف العقد من الزمان منذ تعييني معلما ، أن طرق سمعي اسم الأستاذ عوض النو من محلية الكاملين، ولأنني أتبع لها قمت بزيارته بعد أن تم اختياره رئيسا للنقابة العامة لعمال التعليم بالسودان، وكان مكتبه متواضعا في ركن قضي بوزارة التربية والتعليم الاتحادية ولديهم عربة بوكس واحدة متهالكة وكان طعام فطورهم اليومي(البوش).
ذهبت له وصافحته وعرفته باسمي فرحب بي ، وتوالت بعد ذلك زياراتي له التي من خلالها قد تعرفت على بقية أعضاء المكتب التنفيذي للنقابة العامة الذين سرعان ما قاموا بإنجازات عظيمة تمثلت في بناء الدار والفندق والمسرح وصالة المعلم والمستشفى، وقد كلفهم الحصول على قطعة الأرض التي قامت عليها هذه المنشآت الكثير من الوقت والجهد والإجراءات، وكانت هذه المساحة المعنية تقام عليها مكاتب إدارة الفلاحة والتغذية المدرسية بوزارة التربية والتعليم الاتحادية.
وقبل تركيب صالة المعلم كان هنالك مسرح أنيق في ذات مساحة الصالة، فكان أن فكروا في إقامة برنامج خاص باستقبال المعلمين والمعلمات المشاركين في أعمال كنترول وتصحيح امتحانات الشهادة الثانوية الذين يتم تجهيز مراكز سكنهم بصورة طيبة كل عام ، وقد كتبت عن ذلك مرارا وتكرارا، وبعد تركيب صالة المعلم كأول صالة مناسبات بهذه الروعة بولاية الخرطوم صارت برامج الاستقبال والحفاوة والكرم والالتقاء مع هؤلاء المعلمين والمعلمات الأجلاء تتم بداخلها ، فكانت أيام جميلة وثقناها بصحيفة المنابر لسان حال النقابة العامة.
أردت أن اجتر وأثير بدايات ذكرياتي مع النقابة العامة لعمال التعليم بالسودان والاتحاد المهني العام للمعلمين السودانيين من خلال البرنامج الثقافي والترفيهي المصاحب لأعمال الكنترول والتصحيح.
وكان يتم إكرام المعلمين والمعلمات خلال حفل استقبالهم وإكبارهم وإكرامهم بتقديم وجبة عشاء فاخرة لهم إضافة إلى مشاركة فنان من الفنانين الكبار، فقد كان أولئك الرجال الذين قاموا بتلك الإنجازات قمة المهنية والتجرد الوطني ، ولم يفتر قلمي عن الكتابة عنهم والتوثيق لأعمالهم طوال فترة توليهم أمر النقابة العامة لعمال التعليم بالسودان والاتحاد المهني العام للمعلمين السودانيين.
وكان من حسن طالع وجميل حظ الأستاذ عباس محمد أحمد حبيب الله رئيس النقابة العامة لعمال التعليم بالسودان وأعضاء مكتبه التنفيذي حين تم اختيارهم خلفا لأسلافهم أن وجدوا كل شئ مرتبا وجاهزا وقد حافظوا عليه وأضافوا له العديد من الإنجازات والمشروعات والمنشآت ويكفيهم فخرا أن مستشفى المعلم قد تم افتتاحه على يد السيد رئيس الجمهورية في عهدهم ، وقد كان للأستاذ عباس ورفقائه فضل تطوير برنامج الاحتفال والاعتناء بالمعلمين والمعلمات المشاركين في أعمال كنترول وتصحيح امتحانات الشهادة الثانوية من حيث استقبالهم في صالة المعلم وإكرامهم بالوجبات الغذائية الدسمة والمتنوعة ، فضلا عن منحهم أموالا لوجبة الفطور.
ومما يحمد للأستاذ عباس حبيب الله إثارته لكل المكونات والكيانات والوزارات والمؤسسات والمجتمعات حول مراكز سكن المصححين والمصححات للوقوف معهم وتلبية احتياجاتهم، فلم يخذلوه أبدا وتسابقوا في إكرام وأعظام هؤلاء المعلمين والمعلمات الأماجد بالوجبات الغذائية الفاخرة اليومية بعضها بمراكز التصحيح والبعض الآخر بمراكز السكن التي يشرفها دوما في الأمسيات الأستاذ عباس وقيادات النقابة العامة بالحديث المباشر معهم والاحتفاء بهم وإقامة برنامج ثقافي وترفيهي لهم تتخلله القصائد الشعرية والأغنيات الوطنية والحماسية والعاطفية بمشاركة فاعلة من المعلمين والمعلمات أنفسهم.
يشتهر الأستاذ القامة الخلوق الأديب عباس محمد أحمد حبيب الله ونشهد له بالثقافة العالية والخطابة المؤثرة ذات الكلمات الرصينة ، فهو متحدث لبق وخطيب مفوه يترك أثرا إيجابيا وممتعا في دواخلك وأنت تستمع له ، تشعر بعظمته وتواضعه في آن واحد لأنه يتبع في تعامله أسلوب السهل الممتنع ، وقد أجمع المعلمون والمعلمات حول احترامه ومحبته وتقدير جهده وخلقه ، فهو القائد الذي وجد تقدير وتفاعل مسؤولي الدولة وكان اتحاد عام نقابات عمال السودان يعول عليه كثيرا في إلقاء الكلمات إنابة عن زملائه في النقابات العامة في مختلف المهن الأخرى في كافة المحافل التي يحضرها ويشهدها ويشرفها قيادات الدولة من أعلى رأس هرمها إلى أدناه.
أما صنوه الشيخ المفضال الأستاذ أحمد عبدالكريم أحمد الحميدي فهو يحتاج لمجلدات وأسفار لننظم في أخلاقه الفاضلة وسلوكه القويم وأدبه الجم وتهذيبه وتعامله الراقي مع الجميع، فالحديث عنه يطول ويشجي ، فهو داعية من طراز فريد وتربوي مؤثر ربط بين الأمرين في أحراش الجنوب حينما كان يقود كتائب النور ويخوض معارك الجهاد ، وقبل ذلك كان إمام وخطيب صلاة الجمعة في مسجد إحدى المناطق التي عمل بها معلما ، وكانت لديه دروس فقهية وإرشادات دعوية ،وقد نشأت أسرته على هدى الدين والتقوى حتى صار أحد أبنائه شهيدا قبل أيام ليشفع لهم يوم الموقف العظيم ويتوج معهم هذه التربية الحقة.
وقد أعجبني في الأستاذ أحمد عبدالكريم جوانب تنسيقه مع أخوته في النقابة العامة لعمال التعليم بالسودان، فكانوا يتقاسمون تكاليف ونفقات الليالي الثقافية والترويحية التي تقام بصالة المعلم من خلال استقبال واستضافة المشاركين في الكنترول والتصحيح بصورة شبه يومية ببرنامج معد سلفا، حيث كان المعلمين والمعلمات يشهدون هذه اللقاءات وتضيق بهم جنبات صالة المعلم ويستمعون لكلمات هؤلاء العمالقة ويهتفون لهم معليين من قيم الوطن ومقاصد الدين ، فكانت أيام يقل الزمان أن يجود بمثلها أو يأتي بمعانيها السامية.
ومعروفا أن السيد رئيس الاتحاد المهني العام للمعلمين السودانيين قد قاد مكتبه التنفيذي لإقامة برنامج مصاحب لأعمال الكنترول والتصحيح اشتمل على أيام علاجية في مختلف التخصصات وبالأخص البصريات حيث تم توزيع آلاف النظارات الطبية(قراءة-نظر) ، فضلا عن إقامة ورشة تقييمية لامتحانات الشهادة الثانوية بمشاركة واضعي هذه الامتحانات داخل قاعة برج المعلم الأنيقة ، وهنالك العديد من البرامج المهنية والاجتماعية التي قام بها الاتحاد المهني العام للمعلمين السودانيين قد لا يسمح المجال لذكرها جميعا.
أختم مقالي هذا ودمعي يسبق مدادي ونحن نفتقد هذين الرجلين العظيمين الحكيمين الأستاذين الرائعين اللذين طوفا بنا في عهد زاهر وهم يتعاملون مع زملائهم المعلمين والمعلمات من كافة الولايات بمنتهى الرقي والتعامل الأنيق وهذا الانسجام بينهم وحلقات التنسيق المحكم إذ لم نشهد لهما خلافا طيلة أيام وأعوام الكنترول والتصحيح لأنهما يهتمان بعموم القضية وليس ذاتية المصلحة أو جهوية المنطقة أو التنافس على المناصب والمواقع، وسأعود للأمر الأخير لاحقا بإذن الله تعالى.

هشام احمد المصطفي(ابوهيام ) رئيس التحرير

من أبرز المنصات الإلكترونية المخصصة لنقل الأخبار وتقديم المحتوى الإعلامي المتنوع والشامل. تهدف هذه المنصة إلى توفير الأخبار الدقيقة والموثوقة للقراء في جميع أنحاء العالم العربي من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة والأساليب المبتكرة في عرض الأخبار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى