
مهاتفة بليل
مهاتفة لا زالت أصداؤها في دواخلي رنانة، قبل وقوع الحرب محذرة من النكبة، من قلب أم درمان، والليل غير مطبق يرخي أول السُدل، من معقل جرة قلم الأستاذة بخيتة أمين وذاك الممتع المدهش الدكتور إبراهيم دقش وإن رحل، ثنائي الزواج السوداني، المؤسس للحمة وسداة كلمات وألحان ثنائي العاصمة ، الثنائي المبدع في صياغة المحتوى المرقق لمشاعر وأحاسيس، بني السودان المترعين منهم بالذوق الرفيع، ووجدان الحقيبة السليم، وليس بينهم غير المتصف بما في الثنائيتين، ولقاؤك بأي من رمزينا بخيتة ودقش، أْرّخه في دفتر حياتك، أكتبه لمن بعدك ذهبا لا يصدأ، لقاء أحدهما دعك من الإثنين، عبقرية الإنتاج والإمتاع تتجلى في أبهى الصور، ألبوم الدبلوماسية، دقش صولات وجولات في محافلها صونا وحفظا لإسم وحق السودان، وفي الإعلام بين طي الورق، كم جرة قلم وكتاب وبخيتة أمين واحدة، وقصة جامعتها كليتها لتدريس فنون وقوالب الإتصال التكنولوجي، فهم متقدم ودعوة لاستعداد مبكر.
زوج من القصص والحكاوى، مسارح حياة مزاحة الكواليس، لنتعلم أن الحب و الزواج وجه نضير واحد، لا طرة ولا كتابة، والقمار محرم وممنوع، بيت الثنائية الجميل مُفتّح الأبواب للناس بفهم الرساليين، لبناء حياة عنوانها بخيتة ودقش، ويا لحظي بلقاء الإثنين في دروب تلتقي لتفترق، وإن أنسى لا أنسى إطلالة تلفزيونية مشتركة مع دقش أعقبتها بخيتة باتصال هاتفي معبرة عن سعادة بالمحتوى، وعن متابعة محبة لكل حركة وسكنة لزوج عنه لاتفترق وها هي بذكراه تقترن من برزخ أعلى، لما دخلنا عليها وتوأم التواصل والإتصال مصعب محمود، في مقر إقامتها المؤقت بأم الدنيا، كدت أن أسألها عن أخبار إبراهيم دقش قبل الخروج علينا من وراء كالوس الحجرات، لتحيتنا زائرين محبين، لا أتخيلها بدونه، وتعيدني للواقع انتهارات بخيتة لمصعب ومناداته يا ولد لم هذا الإنقطاع عن الوصل والود، عجيب أنت يا صاحبي.
الأجواء المعسكرة
بخيتة أمين مداد لا ينضب وجرة
قلم وجمل مفيدة غير منقطعة، مهمومة بحال السودانية معنية بشؤون وأدق تفاصيل حيواتهم، واني لأشهد بحراكها ونشاطها قبل إندلاع الحرب، لإخماد لهب نذر اشتعالها، وأخبار وقوعها ملقية فى قوارع الطرق، مسجية فى عناوين الصحف، موزعة على مجالس الأنس والطرب، و يستوقف صاحب الجرة الأجواء المعسكرة، فتنادي فينا واحدا واحدا، أن تعالوا لداري نتفاكر نتدارس، لنجمع كلمتنا أهيل القرطاس والقلم، والسودان فسطاط قابل للإحتراق، وأعداؤه على بساط الريح يتسابقون، وبخيتة هدهدنا تتفقد هنا وهناك لتتوافر على ما يستدعي سرعة تحرك الوسط الصحفي والإعلامي للتقدم على السياسي والعسكري، ترياقا لأوبئة فى الآفاق إرهاصاتها تنتشر، والوقاية خير وأبرك، ومصدات لعواصف عاتية قابلة للإنحناء والإنثناء بمقدار يمكنها من إمتصاص الصدمات، صاحبة الجرة تهاتفني قبيل إندلاع الحرب لأجيئها غدا في منزل ثنائي السودان بأم درمان، وتخبرني ناديتك و إخوتك فلا وفلان، لا تستثني أحد، مؤهلة للقيادة بالرمزية والعلمية والمهنية والحيادية، تأخرنا في الإستجابة للنداء، وبعضنا ربما لبى الدعوة وقد أرادتها جامعة ولكن! ولم تضع بعد بخيتة عصا المبادرات والإقتراحات والحلول، فاتحة مقر إقامتها بأم الدنيا للجميع، متخيرة للقرب الجغرافي والروحي البلد الطيب على الإقامة المتاحة في بلاد العالم الأول، بديدنها الأصيل تفتح بخيتة أذرعها للجميع بحنو أسرة أخرى و بديلة، لما رحل فذ دبلوماسيته وإعلاميته دقش، عاجلت بنت أمين لتسليم الجواز الدبلوماسي رافضة التمتع بديمومة لمثلها متاحة، وفي خضم الحرب لا تضع قلمها في غمده، وجرتها تمتد لكتاب فاجآت به الكل يوم تدشين مشهود غطى على أخبار الحرب وقاهرة الصحافة والإعلام، والنساء الأصيلات إن لم يتقدمن يأتين في اللفة الأخيرة.
طبق رجلة
لا يتردد مصعب ونحن في طريقنا وعلى بعد دقائق من مقر إقامة أستاذتنا و أم صحافتنا المعاصرة بخيتة أمين، طالبا تحضير وجبة بالموجود، وزمن الزيارة لم يكن متزامنا مع ميعاد وجبة متعارف عليه، و من الأصالة وأدبيات زياراتنا المنزلية عدم الإكتراث للوقت عند الإحساس بالجوع، فمن العيب أن تستطعم في الطريق وقبلتك بيت سوداني، المطالبة فيه بسد الرمق معززة للمحبة وترفع من درجة وقيمة الزيارة، كأنه يوم عرس لما دخلنا مستأذنين على أستاذتنا بخيتة أمينة، المائدة معدة بحب لمح البصر، وصحن رجلة مطبوخ يتوسط الأطباق، تتأسف الأستاذة على نفاد الكسرة لعجنها على الطريقة السودانية، وداعبناها بأننا جوعى جاهزين لابتلاع الظلط ومن باب المكابرة جلست لجانبنا أستاذتنا وقد سبقتنا لتناول طعامها، تفت الخبز في الرجلة ولو صبرنا لأطعمتنا في أفواهنا، وما أحيلاها المؤانسة على أطباق معدة بحب ومع من، مع بخيتة أمينة أحد رموز نسويتنا على مر العصور وعبرت عن رغبتي في جمعها لنا أجمعين تحت مظلتها نادٍ ولا كل النوادي يجمعنا نحن الصحفيين شبابا وشيبا، صديقاي شكرالله خلف الله الغائب الحاضر في الجلسة ومصعب محمود علي المقترح يبصمان بالعشرة، تصوروا كيانا موحدا غير موازٍ على رأسه شامة بخيتة أمين، يعمل على جمع الصف ولإنهاء الصراع فالحرب، ولم التصور ونحن فيها وبامكاننا نطفئها. والإطفاء بين سطور من شمس، أحد أسفار دكتورتنا بخيتة أمين، من وحي أستاذ الأجيال والكُتّاب إسماعيل العتباني ملهم ومحفز بخيتة أمين لكتابة زاويتها اليومية الأشهر جرة قلم، مائدة أم الصحافة المعاصرة و منشئة كلية تكنولوجية للتعديل في طبيعتها، عامرة باطباق غير قابلة للفناء، سطور من شمس سفر السهل الممتنع، يقول سبدرات عن جرة قلم، هو قلم صمصام، خضع لكف إمرأ، فنسى دوره مقاتلا، واختار أن يصبح بين الخصوم والإحتراب، يا سلام عليك يا سبدرات . والموت بالدانة كتاب الدكتورة بخيتة أمين المدشن عز اشتعال الحرب، والمخصص ريعه لضحاياها وما أوجع تكاثرهم، وبين حنايا الكتاب كرت صغير مدسوس مزين بصورة الدكتور إبراهيم دقش بزي القوي من العمامة للعباءة ومدوزن أحرف بتوقيع بخيتة أمين كالآتي:
الكتاب يحكي عن مأساة وطن ونكبة أمة وأقل ما يقدمه بجانب التنوير وكشف سوءات الحرب هو عائداته التي تذهب هي الأخرى لضحايا النزاع ومتضرري الحرب.