الرأي والتحليل

دولة القانون.. دكتور عبد العظيم حسن المحامي يكتب: فصل السلطات

سواء أكان للدولة دستور أو لم يكن فالغرض من النظام القانوني خلق مؤسسات تتناغم وتراقب بعضها بعضاً خدمة لكافة المواطنين واحتراماً لكرامتهم. القول بوجود الدولة لا يمكن تصوره إلا بنظام قانوني يؤسس للفصل بين السلطات واستقلال القضاء. حتى وقت قريب كانت الكيانات محل نظرية الفصل بين السلطات ثلاثة، وهي السلطة التشريعية، السلطة التنفيذية والسلطة القضائية. ولما للصحافة من دور في الكشف عن المعلومات والوصول إليها رأى معظم فقهاء القانون الدستوري استحقاق الصحافة مسمى السلطة الرابعة. وبرأيي تستحق المحاماة مقعد السلطة الخامسة لكونها لا تبصر المواطنين بحقوقهم وحسب وإنما تتصدى عبر تنظيماتهم ونقاباتهم للدفاع عن تلك الحقوق والحريات.
بالأمس وقفت على تصريح صحفي للأمين العام لمجلس السيادة معلناً انتهاء المرحلة الأولى لتأهيل القصر الجمهوري وأن الحكومة الصينية وافقت على منحة مجانية لتأهيل القصر وقاعة الصداقة. صحيح أن الحكومة الصينية هي التي أهدت السودان قاعة الصداقة وشيدت القصر الجمهوري الجديد. غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هل أولويات السودان السابقة أو الحالية كامنة في قصر رئاسي وقاعات فارهة أم لتوازن وعدل بين المركز والأطراف؟ واحدة من أكبر الأخطاء التي وقع فيها النظام المباد الفشل حتى في تسويق مشكلات الوطن وإبرازها لحلها لا إلى تعميقها. فالوفود والمنظمات الدولية التي كانت تزور السودان إبان حرب الجنوب قبل انفصاله أو مشكلة دارفور، كانت رحلات تلك الوفود تبدأ من القصر الجمهوري وبرج الفاتح مباشرة بالطائرة لجنوب السودان ودارفور. لو أن الزيارات كانت تسلك، على سبيل المثال، طريق أمدرمان – أمبدة – سوق ليبيا – بارا وصولاً لدارفور لتأكد أن مشكلة السودان في القصر الجمهوري، وأنه لا فرق بين أحياء امدرمان القديمة أو أمبدة أو سوق كرور وغيرها من مناطق السودان الأخرى وصولاً لدارفور.
مبدأ الفصل بين السلطات وإن كان يهدف لأن تتمتع كل أجهزة الدولة باستقلاليتها لتمارس دورها في الرقابة إلا أن ذات الأجهزة الرسمية والشعبية لا يجوز أن تعمل في جزر معزولة وإنما بتناغم وشفافية من أجل تحقيق كرامة المواطن. في دولة يموت بها المواطن نزوحاً وجوعاً وخوفاً لا يجوز أن تكون الأولوية لتأهيل المقار التشريفية بقدرما إدارة عمليات الغوث والتأمين وإعادة الإعمار. الحروب تبدأ في النفوس، ولا يتغيّر أو يتبدّل واقع الحال حتى يغيّر الناس ما بأنفسهم.
الخرطوم
27 يونيو 2025

هشام احمد المصطفي(ابوهيام ) رئيس التحرير

من أبرز المنصات الإلكترونية المخصصة لنقل الأخبار وتقديم المحتوى الإعلامي المتنوع والشامل. تهدف هذه المنصة إلى توفير الأخبار الدقيقة والموثوقة للقراء في جميع أنحاء العالم العربي من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة والأساليب المبتكرة في عرض الأخبار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى