
بلا شك، مجرى الحرب تبدّل تماماً، لم تعد القوات المسلحة تقاتل مليشيا مرتزقة تنال دعمها من دويلة الشر في الخفاء، بل باتت المواجهة الآن مباشرة، وجهاً لوجه، مع الدولة نفسها، أصبحت الطائرات المسيّرة التي تُشرف عليها أيادٍ أجنبية وتُطلق من مقاطعة بورت لاند الصومالية، شاهداً دامغاً على أن دويلة الشر لم تعد تحارب بالوكالة، بل تدخلت علناً وبكامل عدّتها وعتادها بينما تراقب المليشيا الأحداث مثلنا، تبلغ من الفعل اقل من قدر (سلاقة بيض) ! ، ثم تتبجح بأنها الفاعل والمتحكم
المسألة الآن لم تعد تكتيكاً بل مصير، والمطلوب تغييرات حاسمة في خطة القوات المسلحة، يجب أن تُضرب المليشيا بيد من حديد، ما نشهده من تكثيف للمسيّرات ما هو إلا رد فعل هستيري لضربة نيالا التي أربكت الحسابات، وكشفت ظهر من ظن أنه محصن، الإمارات تحديداً تلقت تلك الضربة في العمق، ولم تكن تتوقعها بهذا الإتقان والحسم
لكننا لا نرتاب أبداً في مقدرات قيادة القوات المسلحة ، فليعد التاريخ بذاكرته قليلاً إلى الوراء، إلى تلك اللحظة التي تباهت فيها المليشيا باحتلال ٩٥٪ من أراضي السودان، ظناً أن الخراب نصر، وأن السطو سلطة، إلا أن الرياح أتت بما لا يشتهون ، فعزم الجيش، وإيمان جنوده، قلب الطاولة، واستعاد الأرض شبراً شبراً بسرعة أربكت العدو وكشفت زيف دعاواه، سقط الوهم، وهرب منه من هرب، وهلك السواد الأعظم منهم
النصر لم يكن فقط بحنكة السلاح ودهاء التخطيط، بل بروح الشعب التي سكنت في صدور جنوده، هذا ليس صراع حدود، بل معركة وجود ،نحن الآن لا نواجه مليشيا، بل نواجه عدواً دولياً، بأجهزته وخبرائه وتمويله. ومع ذلك، سننتصر، لأننا نقف على أرض لم تعرف الركوع، وبين شعب لا يهاب الفناء إن كان الطريق إلى العزة يمر عبره
من ظن أن المعركة تُحسم من الجو فقد كذب، المسيرات لا تحسم حرباً، الحرب تُحسم على الأرض، ومن يملك الأرض يملك النصر، الأرض تعرف أبناءها، تعرف من يسير عليها بثقة، ومن ينقضّ منها كالصاعقة ومن لا يعرف ترابها ولا دروبها، لن تسعفه تقنياته ولا مسيراته
نحن أمة لم تقل يوماً إنها ضعيفة، ولم يكتب التاريخ علينا صفحة ذل أو استكانة، سيستمر العدو العالمي في مكائده، لكن فليعلم أن هناك جيشاً من نار، مدعوماً بشعب لا يلين، سيقاتل حتى الرمق الأخير
وليعلم من في الأرض جميعاً، أننا شعب… لنا الصدر دون العالمين… أو القبر.