
في مشهد يعكس عودة زمام المبادرة بالكامل إلى القوات المسلحة السودانية ، يواصل الجيش تقدمه الميداني بثبات وحزم نحو مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في إطار عملية عسكرية منظمة تهدف إلى تحرير الأرض وبسط سيادة الدولة على كامل التراب السوداني. هذا التقدم العسكري النوعي، بقيادة ضباطه وجنوده المرابطين، يفتح صفحة جديدة في معركة الوطن ضد مليشيا الدعم السريع التي تتلقى الهزائم على كافة الجبهات.
أن القوات المسلحة والمشتركة وكتائب الاسناد والمقاومة الشعبية في الطريق الي الفاشر تخوض معارك شرسة في كردفان ، وأن التحركات العسكرية تسير وفق الخطط الموضوعة، بأداء منضبط وروح معنوية عالية كما أوضح الجنرال ياسر العطا أن الجيش لا ينظر إلى هذه العمليات فقط من منظور عسكري، بل يحمل مسؤولية إنسانية تجاه مئات الآلاف من المدنيين العالقين في المدينة مؤكداً أن الجيش يولي أولوية قصوى لحماية السكان وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.
وفي ظل هذا الزخم الميداني، تتكبد المليشيا المدعومة من بعض القوى الخارجية _علي راسها الامارات_ هزائم متتالية، سواء في ميادين القتال أو في الساحات السياسية والدبلوماسية. فقد استطاع الجيش خلال الأيام الماضية تحرير عدد من المدن والمناطق الحيوية في كردفان الكبري ، ما أفقد المليشيا مواقع استراتيجية كانت تتخذها كنقاط انطلاق لعملياتها العدوانية ضد المدنيين.
أما على الصعيد السياسي، فإن مشروع حكومة “تأسيس”، الذي حاولت المليشيا من خلاله خلق واقع موازٍ للدولة السودانية، قد سقط في أول اختبار واقعي له، إذ لم يجد أي تفاعل يُذكر لا داخلياً ولا إقليمياً، وظل مشروعاً باهتاً يفتقر للشرعية والدعم الشعبي، ولا يتعدى كونه واجهة إعلامية خادعة لسلطة أمر واقع تتغذى على الفوضى.
دبلوماسيًا، تبرز الحقيقة واضحة لا لبس فيها : الفريق أول عبد الفتاح البرهان، القائد العام للقوات المسلحة، سيشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ممثلاً شرعياً ووحيداً لدولة السودان، في تأكيد دولي جديد على أن الشرعية لا تُشترى بالبروباغندا، بل تُبنى بالمؤسسات. في المقابل، يمضي قائد المليشيا ” الدمية ” محمد حمدان دقلو (حميدtي)، وقته لاجئاً متنقلاً بين دول الجوار، باحثاً عن مخرج لأزمة هو من أشعل فتيلها.
في العاصمة الخرطوم، بدأت مظاهر الحياة تعود تدريجيًا، بعد شهور من التهجير والدمار. المؤسسات الحكومية تستأنف نشاطها من مقارها الجديدة، والأسواق تشهد حركة طبيعية، والمواطنون بدأوا بالفعل حزم حقائب العودة إلى ديارهم، متحدّين كل محاولات الترهيب والتشويش.
وردآ علي خسائرها الكبيرة وتماشيآ مع سلوكها الاجرامي لقد شنت المليشيا صباح الثلاثاء هجمات بمسيَّرات انتحارية على مواقع حيوية في العاصمة، استهدفت مطار وقاعدة وادي سيدنا الجوية، مصفاة الجيلي، محطات الكهرباء، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي جزئيآ ، الهجوم وإن كان صاخباً، إلا أنه حمل بصمة الفشل أكثر من النجاح، وأكد أن ما تبقّى من قوة المليشيا أصبح يُستثمر فقط في معارك دعائية، لا تغيّر من موازين القوى شيئاً.
إن معركة السودان اليوم لم تعد مجرد معركة ضد التمرد المسلح، بل هي معركة من أجل الدولة، من أجل الهوية الوطنية، من أجل أن يبقى السودان واحداً موحداً تحت سلطة القانون، لا تسوده المليشيات ولا تحكمه الأهواء ،، والجيش السوداني بثباته في الميدان، وحرصه على أمن المواطن، وموقفه الثابت من وحدة البلاد، يثبت يوماً بعد يوم أنه الحصن الأخير الذي لم ولن يُكسر، مهما تعاظمت المؤامرات.