
نقلت لنا الأخبار فاجعة رحيل الأخ الصديق الأمير محمد علي عبد المجيد نسأل الله ان يتقبله قبولاً حسناً ويدخله الجنة مع الشهداء والصديقين.
قرأت الخبر على الوسائط ثم أطلعت على نفيه ثم تاكيده من إذاعة القوات المسلحة ،كان الخبر صادماً بالنسبة لي و قد قطعنا الاغتراب عنه لعقود لم يكن يومها هناك وسائل التواصل المنتشرة زرت بيتهم بحي الأمراء بأم درمان الذي يفتح مباشرة على شارع الأربعين أكثر من مرة ولم اوفق في اللقاء وعلمت لاحقاً انهم باعوا ذلك المنزل العتيق تحصلت خلال هذه الحرب على رقمه للتواصل وكتبت له لكن لم يصلني رد او لم تصله الرسائل.. لا أدري.
محمد علي عبد المجيد عرفته في ثمانينات القرن الماضي ليس عبر ساحات الفداء وليس عبر ميادين القتال و دماء الحروب ولكن عبر الكلمة اللطيفة المعبرة والابتسامة الجميلة والضحكة التي تغلف الرسائل الراقية التي لا تصل بغير الضحك التقينا عبر فنون الحلمنتيش والمسرح مع جماعة الجو الرطب عرفته في المسارح.. المسرح القومي.. قاعة الصداقة.. أم بدة الأهلي.. قصر الشباب والأطفال.. والجامعات و مسرح المكتبة القبطية… ومكتبة البشير الريح حيث كانت معظم امسياتنا هناك عرفته بعيدا عن ميادين القتال واشعار الحماس عرفته مع جماعة الجو الرطب التي تقول في شعارها :-
جماعة الجو الرطب هي ليكم وانتو لينا
في مسرح الدنيا المعقد كم شقينا وكم لقينا ..
كل فن منو ابتدأ ..شد اوتارو الحزينة …
خط كراس للزمن فيهو مشوارنا العلينا ..
نعم لقد كان محمد علي لهذا الوطن .. وكان الوطن له مشي فيه كل خطواته المكتوبة مرفوع الراس وشامخاً شموخ هذا البلد
محمد علي الرجل ذو القسمات القوية الصارمة والبنية الجسمانية الفتية عرفته في رقة العصافير عرفته في ساعات الشدة والرخاء جمعتنا رابطة قوية لعقد من الزمان عرفت عنه علاقته المميزة والفريدة مع اشقائه اما علاقته مع والديه كانت علاقة عجيبة ومع امه بالذات كان حكاية اخري تحسبهم اصدقاء مع بر واحترام كبيريين يحب والديه حب عميق بشكل جنوني لا يعرفه الا من شهده معهم
محمد علي رحمه الله جمع دماء سودانية خالصة تشبه ام درمان التي انجبته والتي تمثل السودان في التعايش والسلام والامان….جده الامير يعقوب التعايشي وجدته مدينة بت الجعلي ودماء معظم اهل السودان و بعض اهله من اهلي بالعيلفون عائلة الطيب الجعلي…وهي اسرة متشعبة بالعيلفون وام قحف
محمد علي رحمه الله كان سوداني محب للسودان… و لم نعرف له حزباً ولا جماعة ولا قبيلة رغم ان كل القبائل والاحزاب والجماعات تتمني ان يكون الامير محمدعلي لها هكذا عرفته حينما قال في الثمانينات في قصيدته اسمع يا قرنق واعلم شنو السودان وحاول منو تتعلم …فندد بكل الاحزاب و اتجاهاتها حول قضية الجنوب قائلاً:-
(عدد ما هلل الكيزان وقالوا علي الجهاد نتلم
كضب والله تتلموا في الفارغات ..وما بتحملوا الحارة وقت الحالة تتازم …
وعد ما قالوا ناس سيدي اللعلاع وجنو نضِم
وسيدي التاني الديمة كضم)
او شيئ من هذا القبيل فانا اكتب من الذاكرة و هكذا عرفت محمد علي الانتماء عنده للسودان لاغيره والام مدرسته في الانتماء والارتماء و ربما هذا ما دعاه لدخول الجيش الذي كان من الممكن ان يكون فيه ضابطاً عظيماً برتبة فريق ..اظن ان دفعته فرقاء ..وقد تفاجأت عندما رايته جندياً لاول مرة بالتلفزيون
عرفت الاخ محمد علي وهو يحمل درجة البكالريوس في المحاسبة و شهدته وهو يحضن والده ويبارك له قبوله موظفاً ببنك فيصل الاسلامي ( لاحظ هو يبارك لوالده) كما عرفت منه ايضاً وقتها وبعد فترة من تعيينه اظنها سنة او اكثر كيف (تغاتتوا) عليه وقد حكي لي بنفسه قصته مع مدير شئون المستخدمين بالبنك …
غادرت السودان و التقيته فقط في زواج الاخ ياسر يويو 2005 ولم نلتق بعد وكانت اخر مرة التقيه في الواقع وهو يحمل العريس ياسر بحماسه المعروف …
لقد كان محمد علي رحمه الله لطيفاً خفيف الظل قوي الشكيمة صاحب رأي و فكرة
كان يقول تهكماً انه يجيد العربنيزي و يُعرفه بانه الانجليزي المعرب ولها قصائد حلمنتيش (عربنيزية) يسميها اختصارا (العربنيزيات)..
وداعاً الامير الانسان الشهم النبيل محمد علي عبد المجيد لقد رحلت باكراً كما رحل الجو الرطب وكل الاجواء الجميلة و (السودان الحلو ) او ربما لم ترض نفسك بما رات وبما تتوقع ان يكون فاثرت الرحيل فنحن كما كنت تقول:-
نحن كلمتنا ابتسامة
منها بتضلل غمامة
غمامة للناس التعابي
القاسو في دنيا الملامة
…..
كان محمد رجلاً ملتزماً خلوقاً ديناًً غير متزمتاً خيراً محباً لوطنه و كل من عرف محمد علي يحبه جداً رحمه الله ..نسال الله ان يربط علي قلب والدته التي نعلم مدي حبها له وقد علمت انها لم تغادر السودان وما زالت موجودة وان يصبر اهل بيته وذريته واشقائه وانا لله وانا اليه ر اجعون
مازالت كلماتك التي كنت ترددها عند نهاية كل عرض علي المسرح ترن علي اذني:-
يبقي زاد الكلمة فكرة
وذات الفكرة ذكري
لمن يصبح صبح بكرة
وابقوا دائماً اذكرونا
لمن يصبح صبح بكرة
لمتابعة المسار نيوز أنضم إلى قروب الواتس آب:
https://chat.whatsapp.com/GOMT7klsZPu8eazJ28dnJM