
يعتقد البعض أن السعي للسطوة مقتصر بداية على الطغاة والطامحون من أصحاب المال والنفوز والإمكانيات العالية بينما يُصور الضعفاء وكأنهم خارج هذه اللعبة لكن احذر من الانخداع بمظهرهم البسيط ومسكنتهم الظاهرة فهؤلاء غالبا ما يكونون الأكثر براعة في لعبة السطوة ما يدعونه من ضعف ليس سوى إستراتيجية متقنة اكتسبوها بفعل التأثيرات القبلية والتجارب المتوارثة ويسعون بخبث لتحقيق رغباتهم المكبوتة عبر كسب احترام القادة والأعيان والرؤساء.
وعلى النقيض من ذلك هناك أيضا من لا يروجون لضعفهم ولا يتاجرون به، بل يسعون لنصرة الحق والمساواة ورغم هيمنتهم الواضحة، يمكن التأثير عليهم بالحجة ومتطلبات المرحلة.
أما أصحاب المشاعر المكبوتة فهم أكثر انتقاما عندما تتهيأ لهم ساحة المواجهة.
كتاب “السطوة” للمؤلف روبرت غرين يعدّ خلاصة لتجارب تاريخية متكررة ويمكننا اسقاط بعض قواعده على أحداث متشابهة عبر العصور، مثل المقارنة بين ما جرى في القرن التاسع الميلادي وما نشهده اليوم من خلال نموذج البشير وحميدتي.
في القرن التاسع تولّى مايكل الثالث عرش الإمبراطورية البيزنطية بعد انقلاب على والدته الإمبراطورة ثيودورا بتنسيق مع عمه الداهية بارداس (يمكن مقارنته بمؤامرة “اذهب للقصر رئيسا وسأذهب للسجن حبيسا”). لم يكن مايكل ذا خبرة، لكنه نشأ في بيئة مليئة بالمؤامرات والدسائس وكان بحاجة لمن يحميه. لم يثق بعمه فاستبعده، واختار بدلاً منه باسيليوس وهو مدرب خيول بسيط لا يفقه شيئا عن السياسة لكنه أثبت إخلاصه للملك وحمايته له فدربه على الحد الأدنى من متطلبات الحكم وسرعان ما أصبح رقما صعبًا في الإمبراطورية وحاميا للملك (كما في قصة البشير وحميدتي وحمايتي).
لكن باسيليوس لم يكن قانعا فكان متعطشا للمال والسلطة وجمع ثروة ضخمة وأصبح له أتباع شرسون ومع تصاعد نفوذه، حذر المقرّبون للامبراطور من خطورته، لكنه رفض الإصغاء وعندما شعر باسيليوس بالخطر تخلّص من عم الإمبراطور .
واجهت الإمبراطورية ضائقة مالية بسبب إسراف الملك والصرف البذخي فلجأ لصديقه وتوقع أن يجد تحية أفضل بسبب ما قدمه له ومن سائس جعله من أعيان الإمبراطورية رفض اعانته فقرر مع آخرين للإطاحة به ولقد كان وتم تنصيب نفسه إمبراطورا (كما في قصة حميدتي الكيزان بقيادة البشير ).
نعم لقد خدم باسيليوس الملك بإخلاص في البداية، نظير الامتيازات التي حصل عليها لكنه ما إن تذوّق طعم السلطة حتى تحوّل إلى طاغية.
نواصل في استعراض قواعد السطوة من الكتاب الأكثر مبيعًا في العالم.