
في ولاية الشمالية، تلك البقعة التي تجمع بين النيل العظيم والصحراء، يقف رجل آمن بضرورة التوازن بين طموحات التنمية والقيود المادية. إنه عبد الله محمد عثمان العاز، أحد أبرز العقول المالية في الولاية، حيث تقع على عاتقه مسؤوليات جسيمة في إعداد الموازنة العامة، وضبط التنفيذ المالي، وتنسيق الجهود بين مختلف الجهات الحكومية.
هذا المقال يستعرض أبعاد شخصيته، رؤيته، والتحديات التي يواجهها، مع تسليط الضوء على التزامه بالنزاهة، والشفافية، والبعد الاجتماعي في عمله.

رؤية عبد الله العاز: الموازنة عقد اجتماعي لا مجرد أرقام
عندما يُسأل عبد الله العاز عن مفهوم الموازنة، لا يراها مجرد وثيقة مالية تتضمن أرقامًا وجداول، بل يعدّها عقدًا بين الحكومة والمواطن؛ تعهدًا واضحًا بتحقيق التنمية، وتحسين الخدمات، ورفع مستوى المعيشة.
يؤمن بأن الموازنة العادلة تُعد بالتشاور لا بالإملاء، وأن توزيع الموارد يجب أن يعكس أولويات الناس لا الترتيبات الورقية. لذلك، يشرك الوزارات، المحليات، والوحدات المختلفة في نقاشات مفتوحة، للوصول إلى رؤية موحّدة، تُراعي العدالة والتوازن بين المركز والأطراف.

في كل بند من بنود الموازنة، يحرص العاز على أن يكون له أثر مباشر في حياة الناس: تحسين خدمة صحية في مركز ناءٍ، أو ترميم مدرسة ريفية، أو إيصال مياه نقية لمجتمع عطشان. هذه النظرة الإنسانية تجعله مختلفًا؛ لأنه لا يفصل الأرقام عن البشر.
بين المكاتب والميدان: مسؤولية لا تعرف الجلوس
من مهامه الأساسية تنسيق الجهود بين مختلف الجهات الحكومية، وضبط العلاقة بين الموارد والطموحات، ومراقبة تنفيذ الخطط المالية على الأرض.
أبرز ما يميّزه هو قدرته على التحرك بين التخطيط الورقي والتنفيذ العملي. فهو لا يكتفي بإعداد الموازنة في مكتبه، بل يُجري زيارات ميدانية للمحليات، ويستمع للمواطنين، ويتابع المشروعات، ويبحث عن أسباب التأخير، ويسعى لحلّها عبر قرارات واقعية.

كما يتولى معالجة فجوات التمويل والعجز المالي بطريقة احترافية، دون اللجوء إلى وعود براقة أو خطط غير قابلة للتنفيذ. وهو حريص على ترشيد الإنفاق، وتحسين الإيرادات الذاتية، وبناء شراكات مع الجهات المانحة والمصارف التنموية، بما يخدم المصلحة العامة.
النزاهة والشفافية: رأس مال العاز الحقيقي
في بيئة مليئة بالتحديات، يظلّ رأس مال عبد الله العاز الأهم هو نظافة اليد، ووضوح الكلمة، وأمانة القرار.
يتعامل مع المال العام باعتباره أمانة لا تُفرّط، ويرفض أي محاولة للعبث بها أو توظيفها لغير الصالح العام. لا يرضخ للضغوط السياسية أو الشخصية، بل يتمسك بالقانون والمهنية في كل خطوة.
معروف بصدقه، فلا يُخفي العجز حين يكون موجودًا، ولا يُبالغ في التوقعات حين تكون الإمكانات محدودة. كما أنه حريص على أن تكون قراراته موثّقة، شفافة، وعادلة بين جميع الجهات، دون تحيّز أو مجاملة.
هذه النزاهة جعلته محلّ احترام واسع في الأوساط الإدارية، ومحطّ ثقة بين المواطنين، لأنه يقدم نموذجًا نادرًا للمسؤول المالي الذي لا يخشى الحقيقة، ولا يساوم على القيم.
البعد الاجتماعي في شخصية العاز
رغم موقعه البيروقراطي، لا ينفصل عبد الله العاز عن قضايا الناس وهمومهم. فهو مسؤول اجتماعي بامتياز، حاضر في الفعاليات المجتمعية، وفاعل في القضايا الإنسانية، ومهتم بأدق تفاصيل الحياة اليومية في ولايته.
حين يتحدث، لا يتحدث بلغة النخبة أو المسؤولين، بل بلغة المواطن، ويحرص على توصيل قراراته بلغة مفهومة، وتبريرها بأدلة مقنعة، حتى لو لم تُرضِ الجميع.
هذا الحضور الاجتماعي يعكس فهمه العميق بأن التنمية ليست فقط في بناء الجدران، بل في بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، وأن كل جنيه يُنفق لا بد أن يُشعر به المواطن في حياته اليومية.

قيادة هادئة… حازمة في المبدأ
يمتلك عبد الله العاز شخصية هادئة، رزينة، غير انفعالية، لكنه لا يتردد في اتخاذ قرارات حاسمة عندما يتعلّق الأمر بالمصلحة العامة. لا يُجامل على حساب القوانين، ولا يُهادن على حساب النزاهة.
في إدارته لفريقه، يشجع على الانضباط، والعمل بروح الفريق، ويزرع فيهم ثقافة المسؤولية الجماعية. كما أنه حريص على نقل الخبرات، وتدريب الكوادر الجديدة، وبناء صف ثانٍ قادر على تحمّل الأعباء في المستقبل.
هو قائد عملي لا يستهويه التنظير، بل يؤمن بأن القيادة ليست منصبًا بل موقف، وليست سلطة بل مسؤولية.
العدالة المالية… عنوان المرحلة
من خلال متابعته، يتبيّن أن عبد الله العاز يسعى لترسيخ مبدأ العدالة المالية، بحيث يحصل كل قطاع وكل محلية على نصيبه المستحق من الموارد، وفقًا لحاجته الفعلية لا لاعتبارات أخرى.
يرى أن العدالة لا تعني التساوي الحسابي، بل تعني إعطاء كل جهة ما تستحقه وفق واقعها وظروفها، مع مراعاة الفوارق الجغرافية والديموغرافية، وهذا ما يجعل من قراراته دائمًا محط نقاش إيجابي، لأنها تعتمد على المنطق لا على العاطفة.
خاتمة: حين تكون الأمانة سلوكًا يوميًا
حين يُذكر اسم عبد الله العاز، فإن ما يخطر في الأذهان ليس مجرد مسؤول مالي ناجح، بل نموذج لرجل دولة يعمل في صمت، يحمل المسؤولية بجدية، ويُقدّم أداءً متوازنًا بين متطلبات الوظيفة وقيم الأخلاق.
هو مثال على أن النزاهة ليست مجرد شعار، بل ممارسة يومية، وأن الشفافية ليست مجرد تقارير، بل ثقافة تُبنى في كل قرار.
وهو برهانه اليومي أن الإدارة المالية يمكن أن تكون عصبًا تنمويًا حقيقيًا، إذا قادها من يؤمن أن المال العام أمانة، وأن الناس شركاء في التنمية، لا مجرد أرقام على ورق.
اللهم بلغت فاشهد



