الرأي والتحليل

وهج الفكرة.. أنس الماحي يكتب: البرهان يوجه ضربة قوية لحمدوك وجوقة العار

لم يكن فشل اللقاء الذي سعت أطراف دولية وإقليمية لترتيبه بين رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك رئيس الجناح السياسي لقوات الدعم السريع مجرد صدفة أو تعثر بروتوكولي بل هو موقف سياسي محسوب بعناية يعكس رؤية القيادة العسكرية السودانية تجاه الأزمة الوطنية ومواقفها من الأطراف التي ساهمت في إشعالها.
زيارة البرهان إلى القاهرة جاءت في سياق مزدوج : رسمي وسياسي. فقد استقبله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قصر الاتحادية حيث تناول اللقاء العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعم الاستقرار في السودان.
خلف المباحثات الرسمية كانت هناك ترتيبات غير معلنة تحاول دفع البرهان إلى لقاء حمدوك في محاولة لإحياء المسار المدني العسكري من جديد.غير أن البرهان، وفق مصادر سياسية مطلعة رفض عقد اللقاء رغم الضغوط المتعددة مؤكدًا أن المرحلة الحالية لا تحتمل إعادة تدوير الوجوه التي ساهمت في تفكيك مؤسسات الدولة وإشعال الخلافات.
بهذا الموقف، بعث البرهان رسالة حاسمة لكل من يهمه الأمر لا عودة إلى ما قبل الحرب، ولا تسوية مع من أضر بالوطن فمنذ اندلاع الحرب في السودان تمسك البرهان بموقفه الثابت رغم محاولات بعض القوى الإقليمية والدولية فرض حلول وسط، فإن البرهان يدرك أن التنازل في هذه المرحلة سيعني الاعتراف ضمنيًا بالمليشيات كقوى سياسية شرعية، وهو ما يرفضه بشدة.
إن رفض البرهان لمقابلة حمدوك في القاهرة هو استمرار لذات النهج الذي أظهره في أكثر من مناسبة، حيث فشلت من قبل محاولات مماثلة لعقد لقاء يجمعه مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) في أديس أبابا وعنتيبي فبالنسبة للبرهان لا يمكن الحديث عن مصالحة أو تسوية قبل محاسبة من تسببوا في الدمار وسفك الدماء.
الموقف المصري من الأزمة السودانية كان واضحًا منذ البداية رفض أي حكومة موازية أو كيان بديل لمؤسسات الدولة الشرعية وقد أكد الرئيس السيسي خلال لقائه البرهان أن مصر لن تعترف إلا بالحكومة السودانية القائمة، وأن وحدة السودان واستقراره تمثلان خط الدفاع الأول عن الأمن القومي المصري.
هذا الدعم المصري للبرهان لا يُقرأ فقط من زاوية العلاقات الثنائية، بل أيضًا من زاوية إقليمية أوسع، إذ تسعى القاهرة للحفاظ على السودان كدولة موحدة مستقرة، بعيدًا عن مشاريع التقسيم أو عسكرة السياسة كما أن مصر تنظر إلى الحرب السودانية باعتبارها تهديدًا مباشرًا لحدودها الجنوبية ولمعادلة الأمن في وادي النيل.
من جهته حاول عبد الله حمدوك _ احد أشهر ادوات الامارات في المرحلة مع خالد عمر يوسف وجوقة العار _ عبر مبادرته الأخيرة استثمار موقعه كرئيس لتنسيقية “تقدم” لإعادة فتح قنوات اتصال مع البرهان مشيرًا إلى استعداد القاهرة لاستضافة لقاء يهدف إلى «وقف الحرب».
لكن هذه الجهود، كما أكدت نتائج الزيارة، فشلت تمامًا، إذ لم يبدِ البرهان أي استعداد للجلوس مع شخصيات يعتبرها جزءًا من المشكلة وليست جزءًا من الحل ،،أما حميدتي، الذي يحاول الظهور بمظهر “القائد الإصلاحي”، فما زال في نظر القيادة العسكرية المسؤول الأول عن جرائم الحرب وتفكيك الدولة عبر المليشيات التي يقودها. ولهذا، فإن أي حديث عن لقاء أو تفاوض دون محاسبة مسبقة يبقى مرفوضًا شكلًا وموضوعًا.
من الواضح أن البرهان يسعى لترسيخ مبدأ جديد في السياسة السودانية مفاده أن العدالة تسبق التسوية، وأن الحوار لا يمكن أن يكون مكافأة على الجرائم أو الخيانات الوطنية فالسودان اليوم لا يحتاج إلى مصالحات سياسية هشةبل إلى تثبيت دولة القانون والمؤسسات على أنقاض الفوضى التي خلفتها الصراعات.
وبهذا، يمكن القول إن فشل لقاء القاهرة لم يكن خسارة دبلوماسية بل انتصار لموقف سيادي سوداني يرفض المساومة على دماء الشعب وعلى مستقبل الدولة. إنها رسالة مفادها أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة الحسم لا المجاملة والمحاسبة لا المصالحة.

هشام احمد المصطفي(ابوهيام ) رئيس التحرير

من أبرز المنصات الإلكترونية المخصصة لنقل الأخبار وتقديم المحتوى الإعلامي المتنوع والشامل. تهدف هذه المنصة إلى توفير الأخبار الدقيقة والموثوقة للقراء في جميع أنحاء العالم العربي من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة والأساليب المبتكرة في عرض الأخبار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى