في ظل التحديات الاقتصادية والمالية التي تواجهها العديد من الدول، (خاصة دول العالم الثالث التي يكثر فيها الفساد المالي لصالح الأفراد) وهنا يبرز تحويل النظام المالي إلى الأنظمة الإلكترونية كحلٍّ إستراتيجي أساسي لتعزيز الشفافية، ومكافحة الفساد، وضمان توريد أموال الدولة بشكل سليم.
وفي هذا الإطار، يعد تحول السودان نحو نظام الدفع المالي الإلكتروني خطوةً جوهرية لتحقيق هذه الأهداف، خاصة في مرحلة إعادة البناء الاقتصادي والمالي التي يمر بها البلد من بعد هذه الحرب التي فرضت علينا واهدرت ونهبت وسرقت كل أموال الشعب والبنوك فيها.
1- مكافحة الفساد المالي:-
يعتبر الفساد المالي أحد أبرز المعوقات التي تواجه الاقتصاد السوداني، حيث يؤدي إلى تسرب الأموال العامة خارج القنوات الرسمية، مما يُضعف قدرة الحكومة على توفير الخدمات الأساسية وتحقيق التنمية المستدامة حتى نظام المرتبات للعاملين في الدولة يصبح وقتها أشد انضباطا وأكثر أمنا وسلامة من الفساد، فمن خلال التحول إلى نظام الدفع المالي الإلكتروني، يمكن تقليل الاعتماد على المعاملات النقدية التي تُعد بيئة خصبة للفساد. فالنظام الإلكتروني يوفر سجلات دقيقة وشفافة لكل عملية مالية، مما يجعل من الصعب إخفاء أو تحريف المعلومات المالية. بمعنى آخر شامل = وداعا للملاعب بالمال العام.
2- تعزيز الشفافية والمساءلة:-
يتيح النظام الإلكتروني تتبع كل حركة مالية بشكل فوري ودقيق.. حتى أنظمة الدفع في المخالفات المرورية أو عبر الجمارك تصبح محكمة بدقة متناهية تمنع التلاعب فيها إلى الأبد بل النظام المالي إلكتروني يسهل إجراء المعاملات من موبايل المواطن مباشر إلى الحكومة، مما يعني أن نقول (وداعا للرشوة والمعاملات تحت الطربيزة).
3- ضمان توريد أموال الدولة بشكل سليم:-
من خلال نظام الدفع الإلكتروني، نقول وداعا لعمليات اختلاس الأموال فهذا النظام يثبت ضمان وصول الأموال العامة إلى خزينة الدولة بشكل كامل ودون تسرب، فالنظام يقلل من الاعتماد على الوسطاء الذين قد يستغلون ثغرات النظام النقدي لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المال العام، كما أن النظام الإلكتروني يحد من التهرب الضريبي، حيث يتم تسجيل جميع المعاملات بشكل تلقائي، مما يضمن تحصيل الإيرادات بشكل كامل.
4- تحسين كفاءة الخدمات الحكومية:-
يسهم النظام الإلكتروني في تبسيط الإجراءات المالية وتقليل الوقت والجهد المبذول في المعاملات الورقية، فبدلاً من الانتظار في طوابير طويلة أو التعامل مع أوراق معقدة، يمكن للمواطنين والشركات إتمام معاملاتهم المالية بسرعة وسهولة عبر المنصات الإلكترونية، هذا التحسن في الكفاءة ينعكس إيجابًا على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، ويعزز ثقتهم في النظام المالي.
5- ايقاف طباعة العملة الورقية :-
السودان يعاني من مشكلة جوهرية وهي التكاليف الباهظة في عملية طباعة العملة الورقية مع عدم جودة نوعية الورق المطبوع فيه العملة.
لكن عندما يتحول السودان لنظام الدفع والتحويل الإلكتروني فإن العملة تصبح مجرد أرقام وتنهي عملية التعامل بالعملة الورقية التي تجاوزها الزمن في كل الدول المتقدمة إلكترونيا .
التحديات وسبل التغلب عليها:-
بالرغم من الفوائد الكبيرة التي يوفرها النظام الإلكتروني، إلا أن تطبيقه في السودان يواجه بعض التحديات، مثل ضعف البنية التحتية التكنولوجية، ونقص الوعي الرقمي لدى بعض فئات المجتمع، ومخاوف تتعلق بالأمن السيبراني، وللتغلب على هذه التحديات، يجب على الحكومة الاستثمار في تطوير البنية التحتية الرقمية، وتنظيم حملات توعوية لتعزيز الثقافة المالية الرقمية، ووضع إطار قانوني قوي لحماية البيانات والمعلومات المالية.
آخر المداد
تحويل السودان إلى نظام الدفع المالي الإلكتروني ليس مجرد خطوة تقنية، بل هو استثمار في المستقبل الاقتصادي للبلاد، فمن خلال هذا التحول، يمكن تعزيز الشفافية، بل حتى الجهات الرسمية، لن تكون لها المقدرة في الصرف المالي البذخى المعتاد في النثريات فهو نظام يكافح الفساد، و يثبت ضمان توريد أموال الدولة بشكل سليم، مما يسهم في تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي. إن نجاح هذه الخطوة يتطلب تعاونًا بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لضمان أن يكون التحول شاملاً وفعالاً، ويعود بالنفع على جميع أفراد المجتمع.
ألا هل بلغت اللهم فاشهد
فستذكرون ما أقوله لكم وأفوض أمري إلى الله
